فى مصر فقط ، يمكن أن تشاهد مواطنون يعملون فى جهة أو مؤسسة ما ، من مؤسسات الدولة ، ويستمرون فى عملهم أكثر من 20 عاما ، ولايتم تعيينهم ، ويتم حرمانهم من أحد أهم حقوقهم الدستورية ، وهى الحق فى التعيين ماداموا استمروا فى عملهم عاما واحدا ، فما بالك بمن يعمل 20 عاما ، وفى النهاية يجد الشارع والتشرد والضياع فى انتظاره ، وكأنه مواطنا من الدرجة الثالثة أو الرابعة ، فى دولة تتشدق بأنها دولة "حق المواطنة للجميع".
وفى وزارة الزراعة فقط ، وبالتحديد الإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوى ، يمكن أن تجد ناسا عملوا بذات الإدارة بمرتب 50 جنيها لـ 15 عاما ، وبـ 130 جنيها لمدة خمس سنوات أخرى ، وذلك بقسم الانتاج ، وبرغم صبرهم على ماهم فيه ورضائهم بالفتات ، إلا أن مسئولى الوزراة ضربوا بحلمهم المشروع فى التعيين عرض الحائط ، لدرجة أن الوزارة رفضت تنفيذ مطلبهم فى عمل عقود شاملة لهم ، أو حتى عقود مؤقتة ، ووصل الأمر إلى حد أن أحد مستشارى الوزير – وبحسب تأكيدات أم هاشم حسنى ، إحدى العاملات بنظام الساركى فى فحص واعتماد التقاوى بالمنيا - خدعهم عندما ذهبوا بذلك الطلب ، وذلك بوعود وهمية بالتنفيذ ، وكان يهدف من وراء ذلك إلى المماطلة فى الوقت لحين دخول قانون الخدمة المدنية الجديد حيز التنفيذ ، بما يعنى استحالة تنفيذ طلبهم ، لأنه سيكون مخالفا للقانون ، وقد كان ما يريده المستشار وأصبح أمر واقع ، وهى الصدمة التى استيقظ عليها العاملون بنظام الساركى فى قسم فحص واعتماد التقاوى بعد فوات الآوان.
وفى إدارة فحص واعتماد التقاوى فقط ، يمكنك أن تسمع تبريرات فى منتهى الغرابة لرفض تعيين وتثبيت نحو 4 ألاف من العاملين بنظام الساركى على مستوى الجمهورية ، وبرغم عملهم لمدد تتراوح بين 15 و20 عاما ، ومن تلك المبررات ، أنهم" بدون عمل أصلا"، وهذا كلام عبثى يجب محاكمة مسئولى الوزارة الذين يقولونه ، لمعرفة كيف ولماذ ولمصلحة من ؟ ، يتركون مثل هذا العدد يعمل لنحو ربع قرن من الزمان ، بدون أن يكون لهم عمل ، خاصة أنه لو افترضنا أنهم "بدون عامل" ، فالوزارة هى المسئولة عن إيجاد عمل لهم يعملون فيه 8 ساعات يوميا ، وإلا تكون وزارة فاشلة ، ويستوجب إعادة هيكلتها من الألف إلى الياء.
وفى معلجة المشاكل فى مصر ، وفى مصر فقط ، تجد مسئولين لايفكرون البتة فى المآسى التى يعانى منها أصحاب الشكاوى ، فمسئلو الإدارة المركزية بفحص واعتماد التقاوى ، وكذلك المسئولين فى الإدارات الزراعية بالمحافظات – بحسب تأكيدات نفيسة السيد إحدى العاملات المؤقتين بفحص واعتماد التقاوى بالمنصورة - لايحركون ساكنا أمام صرخات وتوسلات هؤلاء العاملين الذى ضاعت عليهم فرص بديلة بسبب رضائهم فى عملهم بنظام الساركى ورضائهم به ، حيث نظم هؤلاء وقفات احتجاجية أمام وزارة الزراعة وأمام مجلس الوزراء ، وسافروا من محافظتهم إلى القاهرة ، حيث مركز البحوث الزراعية مئات المرات ، ولكن لا حياة لمن تنادى ، فى وزارة تسير فى إتجاه عكس الاتجاه الذى يريده الرئيس عبد الفتاح السيسى.
وزارة الزراعة التى رفضت تثبيت العاملين بنظام الساركى فى إدارة التشجير بمبرر وهمى مفاده أنهم كانوا يعملون فى مشروع ، والمشروع قد انتهى ، تريد أن تبخس العاملين فى فحص واعتماد التقاوى حقهم فى التعيين ، بمبررات واهية ، لييسوا مسئلوين عنها ، مفادها أنهم تابعين للصناديق الخاصة ، وليس لهم بند مالى ، وبالتالى حل مشكلتهم فى وزارة المالية والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة وليس فى وزارة الزراعة ، وكأن تلك الوزارة ليست مسئولة عن مخاطبة تلك الجهات لحل مشاكل العاملين فيها.
والغريب أن هؤلاء صبروا واستمروا فى عملهم على أمل التعيين يوما ما ، برغم تعيين أخرين أحدث منهم بالبارشوت ، فى مختلف الادارات بالمحافظات ، قبل الثورة وبعدها، وتسشهد أمل الدسوقى إحدى العاملات فى فحص واعتماد التقاوى بالشرقية ، بحكم صادر لصالح "نعمة أحمد طنطاوى أحمد " فى قضية اختصمت فيها وزير الزراعة ورئيس الادارة المركزية لفحص واعتماد التقاوى ، كل بصفته ، يقضى بأحقيتها فى التعيين وإلغاء قرار جهة الإدارة المطعون فيه برقم 29 لسنة 2013 ،فيما تضمنه من تخطيها فى التعيين بوظيفة كاتب رابع بادارة فحص واعتماد التقاوى بأسيوط.
وفى دعوى أخرى رقمها 6618 لسنة 4 ق ، تكشفت مخالفة أقل ما توصف به أنها فضيحة مدوية ، تؤكد أن التعيين فى الوزارة "سمك لبن تمر هندى" ، حيث حكم القضاء بأحقية زينب محمد مصطفى فى التعيين ، بعدما تبين لها أنها خريجة عام 84 ، وأن عاملة تدعى شيماء تحمل ذات المؤهل وخريجة 1997 قد تخطتها فى التعيين ،حيث حكمت المحكمة بالغاء القرار 256 لسنة 2014 ، المطعون فيه، والذى تم تعيين شيماء على أساسه .
إضافة تعليق جديد