رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 19 فبراير 2025 9:04 ص توقيت القاهرة

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، والشكر له على ما أولانا من واسع كرمه وفضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدى من هدى بفضله، وأضل من أضل بحكمته وعدله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى من جميع خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وصحبته، وسلم تسليما ثم أما بعد بالرغم من أن موضوع الجوار لم يرد إلا مرة واحدة في القرآن الكريم، إلا أن الأهمية التي أولاها الشرع له كانت كبيرة، فالجوار لا يكون إلا حسنا، والإحسان إلى الجيران ورد في الآية الكريمة معطوفا على فئات أخرى، بحيث إحتلّ الرتبة الخامسة بعد كل من الوالدين والأقرباء واليتامى والمساكين، كما أن الأمر بالإحسان إلى هذه الفئات جاء بعد الأمر بعبادة الله والنهي عن الشرك به.

وإن كلمة الجوار في اللغة هي تعني الإشتراك في فضاء ما، والقرب المكاني ما بين طرفين أو أكثر بين الدول، وبين الأقاليم والجهات، وبين المدن والقرى، وبين الأحياء، وبين البيوت والمتاجر والمصانع والحقول إلي غير ذلك، وبالتالي فالجار هو من يجاورك في السّكن والعمل والدراسة والسوق، والجوار نوعان وهما جوار دائم، وجوار مؤقت، فالجوار الدائم يكون بسبب الإستقرار الطويل، فالأسر لا تغيّر منازلها دائما، والتاجر لا يغير متجره دائما، والفلاح لا يغير حقله دائما، وأما الجوار المؤقت فهو يكون لمدة محدودة، فنزيل الغرفة المحاذية لي في الفندق هو جاري إلى أن تنتهي إقامتي في الفندق، والجالس بالقرب مني في المسجد أو الحديقة أو الشاطئ أو المقهى هو جاري إلى أن أغادر المكان، والراكب معي في القطار أو الطائرة أو الحافلة.

أو سيارة الأجرة هو جاري إلى أن أنزل من المركبة، وروي عن أبي شريح العدويّ قال سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلم النبي صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته، قيل وما جائزته يا رسول الله؟ قال يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فيلقل خيرا أو ليصمت " ويضيف هذا الحديث جديدا على الضيف، وهو تحديد جائزة الضيف، بإكرامه وإستضافته يوم وليلة إلى ثلاثة أيام، وما زاد لا يدخل في دائرة واجب الضيافة، بل يصبح في دائرة الصدقة والعمل التطوعي، وليس الضيف المقصود هنا الضيف القريب في السكن، بل الضيف القادم من سفر، ويسكن في مكان بعيد، فالحكم أكثر خصوصية. 

وإن حرص المصطفى صلى الله عليه وسلم على الإعتناء بالضيف لأن هذا من شيم الأخلاق العليا في بيئة بدوية عنوانها السفر، والعرب يحكون ويمدحون عمن يكرم ضيفه، وما حكايات حاتم الطائي عنا بغريبة، والأمر بالطبع لا يقتصر على بيئة البدو، فزيارة الضيف شأن إنساني في كل مجتمع، فالحكم بإكرامه يتخذ بعدا إنسانيا، مثلما هو الحال مع الجار، ومع كل من يعامله الناس بالحسنى وقول الكلم الطيب، ومثلما كان هناك تحديد في نوعية الضيف، هناك تحديد في الجار الأولى بالرعاية، إنه الجار الأكثر قربا، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قلت يا رسول الله إن لي جارين، فإلي أيهما أهدي؟ قال إلى أقربهما منك بابا " فأصبح الأولى هو الجار الأقرب بابا، لأنه الأكثر إطلاعا. 

والأكثر رؤية لنا، سواء كان مسلما أو غير مسلم، لو كان مسلما فستزداد آصرة المودة معه، وتتدعم بأساس عقدي، ولو كان غير مسلم، فسيحب المسلم الذي أهداه.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.