رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 19 أبريل 2025 8:44 م توقيت القاهرة

مظاهر الوطنية الصادقة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إن الحب الحقيقي للوطن يتجلى في أمور منها الحرص الأكيد والعمل الجاد في نشر العقيدة الصحيحة لتعم أرجاء الوطن كي يتمتع المواطنون بالإيمان الحقيقي بالله تعالى، ويصدقون في حبه والإعتماد عليه وحده دون غيره، حتى إذا ما حاولت قوة في الأرض الاعتداء على دينهم وعقيدتهم أو إستباحة أرضهم وأموالهم إذا بهم ينتفضون إنتفاضة الأسد دفاعا عن الدين والعقيدة، ودفاعا عن الأعراض والأوطان، معتمدين على الله تعالى دون غيره، موقنين بأن قوته الباهرة.

كفيلة بهزيمة أي عدو غاشم وعقر كل جواظ غليظ وقهر كل صائل أثيم، وحتى تتبين مظاهر الوطنية الصادقة ويسقط زيف الشعارات فإن المتأمل في الواقع يميز بين المواطن الصالح الناصح لوطنه وبين الكاذب بالشعارات، فإن لخيانة الوطن مظاهر، وظواهر بعضها مرّ على بلادنا فحسم أمره وكبت شره، وبعضها لم يزل قائما يتشكل ويتلون ويخف ويشتد ويبين ويتوارى، وبعضها يظهر باسم الغيرة على الوطن وفي حقيقته غيرة منه، وإن المسلم الحقيقي يكون وفيّا أعظم ما يكون الوفاء لوطنه، محبّا أشد ما يكون الحب له، مستعدا للتضحية دائما في سبيله بنفسه ونفيسه، ورخيصه وغاليه، فحبه لوطنه حب طبيعي مفطور عليه، حب أجل وأسمى من أن ترتقي إليه شبهة أو شك، حب تدعو إليه الفطرة، وترحب به العقيدة، وتؤيده السنة، وتجمع عليه خيار الأمة.

فيجب على كل مسلم أن يحب وطنه، ويتفانى في خدمته، ويضحي للدفاع عنه، فحب الوطن والدفاع عنه لا يحتاج لمساومة ولا يحتاج لمزايدة ولا يحتاج لشعارات رنانة ولا يحتاج لآلاف الكلمات، فإن أفعالنا تشير إلى حبنا، حركاتنا تدل عليه، حروفنا وكلماتنا تنساب إليه، أصواتنا تنطق به، آمالنا تتجه إليه، طموحاتنا ترتبط به، لأجل أرض وأوطان راقت الدماء، لأجل أرض وأوطان تشردت أمم، لأجل أرض وأوطان تحملت الشعوب ألوانا من العذاب، لأجل أن نكون منها وبها ولها، وإليها مطالبون أينما كنا أن نحافظ عليها، فحب الوطن والتضحية من أجله هو واقع يستحق أن نعمل بحب وتفان من أجل المحافظة عليه لأنه أثمن ما في وجودنا وانتمائنا، فالوطن هو التاريخ والحضارة والتراث، وهو الذي سكن جسدنا وروحنا وذاكرتنا، ومن أجله وخاصة في هذه الفترة العصيبة.

نحتاج إلى العمل من دون مقابل، لأن الوطن فوق كل شيء، وإن حب الوطن هو فطره ربانيه فى الإنسان وإن هذه سنة الله في المخلوقات فقد جعلها الله في فطرة الإنسان، وإلا فما الذي يجعل الإنسان الذي يعيش في المناطق شديدة الحرارة، والتي قد تصل إلى ستين درجة فوق الصفر، وذلك الذي يعيش في القطب المتجمد الشمالي تحت البرد القارص، أو ذلك الذي يعيش في الغابات والأدغال يعاني من مخاطر الحياة كل يوم، ما الذي جعلهم يتحملون كل ذلك إلا حبهم لوطنهم وديارهم؟ لذلك كان من حق الوطن علينا أن نحبه، وهذا ما أعلنه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو يترك مكة تركا مؤقتا، فعن عبد الله بن عدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بالحزورة من مكه يقول " والله إنك لخير أرض الله إلى الله وأحب أرض الله إلى الله، 

ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت " رواه الترمذى، فما أروعها من كلمات، كلمات قالها الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو يودع وطنه، إنها تكشف عن حب عميق، وانتماء صادق، وتعلق كبير بالوطن، بمكة المكرمة، بحلها وحرمها، بجبالها ووديانها، برملها وصخورها، بمائها وهوائها، هواؤها عليل ولو كان محملا بالغبار، وماؤها زلال ولو خالطه الأكدار، وتربتها دواء ولو كانت قفارا، فإنها الأرض التي ولد فيها، ونشأ فيها، وشبّ فيها، وتزوج فيها، وفيها ذكريات لا تنسى.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.