رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 21 أبريل 2025 2:31 ص توقيت القاهرة

التضحية من أجل الدفاع عن الوطن

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، ثم أما بعد إنه تتجلى المواطنة الصادقة في رعاية الحقوق وإجتناب الظلم، وبالأخص الحقوق وإحترام حق الغير، والسعي الجاد من كل مواطن مسؤول أو غير مسؤول لتأمين الآخرين على أموالهم وأنفسهم، ولا خير في وطنية تقدس الأرض والتراب وتهين الإنسان، فالوطن حقا هو الإنسان الذي كرمه الله تعالي بالإنسانية وشرفه بالملة المحمدية، وتتجلى كذلك في أداء الحقوق، بدءا من حق الوالدين والأرحام، وإنتهاء بحقوق الجيران والأصحاب والمارة، وكذلك الإستخدام الأمثل للحقوق. 

والمرافق العامة التي يشترك في منافعها كل مواطن ومواطنة، تلك التي تكرس المحسوبيات وتستغل النفوذ وتتساهل في المال العام وكأنه كلأ مباح أو فرصة سانحة لا تؤجل، وليس الشأن في الوطنية هو الإهتمام بقشورها ومظاهرها الخارجية، من تقديس لصورة أو علم مع إمتهان أصولها الراسخة، فإن واجبنا نحو التضحية من أجل وطننا أن يضحي كل فرد في المجتمع بحسب عمله ومسئوليته، فيضحي الطبيب من أجل حياة المريض، ويضحي المعلم من أجل تعليم وتنشئة الأولاد، ويضحي المهندس من أجل عمارة الوطن، ويضحي القاضي من أجل إقامة وتحقيق العدل، ويضحي الداعية من أجل نشر الوعي والفكر الصحيح بين أفراد المجتمع وتصحيح المفاهيم المغلوطة والأفكار المنحرفة، وتضحي الدولة من أجل كفالة الشعب ورعايته، ويضحي الأب من أجل معيشة كريمة لأولاده. 

ويضحي الجندي من أجل الدفاع عن وطنه، ويضحي العامل من أجل إتقان عمله، وتضحي الأم من أجل تربية أولادها، وهكذا وإننا إذا فعلنا ذلك فإننا ننشد مجتمعا فاضلا متعاونا متكافلا تسوده روابط المحبة والإخلاص والبر والإحسان وجميع القيم الفاضلة، وها هو الخليل ابراهيم عليه السلام حين ترك زوجته هاجر وابنه اسماعيل عليه السلام فى مكة المكرمة وهى واد قاحل غير ذى زرع دعا ربه أن ييسر لهم أسباب الاستقرار ووسائل عمارة الديار، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة إبراهيم ما قاله الخليل إبراهيم عليه السلام " ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " وهذا كليم الله موسى عليه السلام حنّ إلى وطنه بعد أن خرج منها مجبرا. 

فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الفصص " فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا فقال لأهله امكثوا إنى آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون " وقال ابن العربي في أحكام القرآن، قال علماؤنا لما قضى نبى الله موسى الأجل طلب الرجوع إلى أهله وحنّ إلى وطنه، وفي الرجوع إلى الأوطان تقتحم الأغرار وتركب الأخطار وتعلل الخواطر، ويقول لما طالت المدة لعله قد نسيت التهمة وبليت القصة، وها هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح البخاري، لما أخبر ورقة بن نوفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قومه، وهم قريش مخرجوه من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أومخرجي هم؟ " قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا" 

وقال السهيلي رحمه الله " يؤخذ منه شدة مفارقة الوطن على النفس فإنه صلى الله عليه وسلم سمع قول ورقة أنهم يؤذونه ويكذبونه فلم يظهر منه انزعاج لذلك، فلما ذكر له الإخراج تحرّكت نفسه لحب الوطن وإلفه، فقال صلى الله عليه وسلم " أومخرجيَّ هم؟ " أى بمعنى هم سيحرجونى من وطنى فأجاب له ورقه بن نوفل، أن نعم سوف يخرجوك من أرضك ووطنك.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.