يعملون منذ 20 عاما .. ومرتبهم 150 جنيها وليس لهم أى إجازات !
تقدموا بمئات الشكاوى وسافروا للقاهرة 100 مرة .. والمسئولون : "اصبروا شوية "
كتب: سعيد نصر
يعانى العاملون فى الادارات الزراعية بمحافظة المنيا ، وغيرها من المحافظات بنظام الساركى الأمرين ، خاصة أنهم اشتكوا لـ" طوب الأرض" طوال السنوات الماضية من أجل تثبيتهم أو النظر إليهم بعين الرحمة ، ولكن دون جدوى ، برغم أنهم يعملون منذ مدد طويلة تتراوح ما بين 10 سنوات و24 عاما .
هؤلاء محكوم عليهم أن يظلوا فى طى النسيان وخارج حسابات الحكومات وأن يتقاضوا مرتبات لا تتعدى 150 جنيها شهريا ، ولا يتقاضون أجرا عن أيام الجمع والإجازات ، والعجيب أن ذلك يحدث فى دولة قامت بها ثورة على مرحلتين ، أكدت خلالهما على مبدأ ومطلب تحقيق العدالة الاجتماعية.
وأخطر ما فى مشكلتهم أنهم لايتمتعون بأى حقوق أو مزايا ، سواء كانت صحية أو اجتماعية ، والأخطر من كل ذلك أن الذى يمرض منهم أو يضطره ظرف قاهر للغياب ، تكون النتيجة الحتمية الاطاحة به خارج العمل ، لأنه ليس لهم إجازات إعتيادية أو مرضية ، وقد حدث ذلك بالفعل مع موظفة بالإدارة الزراعية بأبو قرقاص قادها حظها العثر إلى الزواج والحمل ، وأطيح بها من العمل لأنها غابت أسبوعا بسبب الانجاب ، وكان ذلك منذ 5 سنوات ، حيث رفض المسئولون المعنيون عودتها ، وكأنها فعلت جريمة ، وكأن المطلوب من السيدات العاملات بهذا النظام الغريب والمجحف أن تترهبن من أجل العمل !
وأغرب ما فى الموضوع هو أن هؤلاء العاملين الذين يصل عددهم بالمئات وأغلبهم من النساء فاتهم قطار التعيينات الذى استمر يعمل ببنزين ثورة 25 يناير لمدة عامين كاملين ، والذى لحق به كل مدرسى الحصة والعقود والعاملون المؤقتون فى وزارات ومؤسسات كثيرة ، وبرغم أن د. أيمن فريد أبو حديد تولى حقيبة وزارة الزراعة على خلفية تداعيات ثورة 25 يناير – 30 يونية، وبرغم أنه كان على دراية كاملة بهذا الملف ، بحكم عمله السابق كرئيس لمركز البحوث الزراعية ، إلا أنه لم يحرك ساكنا أمام هذه المشكلة .
هؤلاء لم يعد أمامهم سوى "شق الجيوب واللطم على الخدود" بسبب تجاهل المسئولين لهم ولمطلبهم بحقهم فى التثبيت والتعيين ، برغم أنهم تقدموا بشكاوى لمعظم الجهات ، وفى كل عهود الحكم بدءا من مبارك وانتهاءا بالرئيس السيسى ، لدرجة أنهم كانوا ولا زالوا يأتون إلى القاهرة بمعدل 6 مرات كل عام ، وذلك لتقديم شكاوى و استجداء المسئولين عن التعيينات المتواجدين فى ادارة الفحص والاعتماد بمركز البحوث الزراعية ، وفى كل مرة كان يقال لهم – على حد قول نصر عباس على ، أحد العاملين" معلش اصبروا شوية .. صبرتوا كتير .. فات الكتير ما بقى الا القليل" ، والغريب أنهم كانوا يفاجأون بأن غيرهم تم تعيينهم برغم أنهم أحدث منهم ، وبرغم أن بعضهم كان قد تم تعيينه منذ عام أو شهور ، وذلك فى العهود التى سبقت فترة حكم الرئيس السيسى ، الذى يعولون عليه كثيرا فى امكانية حدوث انفراجة فى مشكلتهم المستعصية.
وتقول أم هاشم حسنى ، أحدى العاملات بالادارة الزراعية فى أبو قرقاص : أعمل من منذ 24 عاما ، ولم يتم تثبيتى أنا وغيرى حتى الآن ، ولم يحرك أحد ساكنا أمام شكوانا برغم أننا سافرنا كثيرا للقاهرة بمعدل 4 مرات سنويا ،وكنا فى كل مرة نقدم شكاوى نطالب فيها بالتثبيت ، ولم نجد من المسئولين سوى كلمات أشبه بالمسكنات ، منها " "اصبروا شوية .. ربك كريم " .
وتضيف "أم هاشم" : عندما كنا نسألهم فى ادارة الفحص والاعتماد عن سبب تعيين وتثبيت من هم أحدث منا ، وبرغم اننا أقدم منهم بأكثر من 15 عاما ، كانوا يقولون لنا " احنا منعرفش .. هما اللى بياخدوا .. مالكوش نصيب .. المرة الجاية هياخدوا الباقى".
وتؤكد "أم هاشم" أن هذا الأمر مرهق لهم ماديا للغاية ، فهم يتقاضون 150 جنيه كحد أقصى ، وهذا المبلغ لا يكفى لسفرهم من المنيا الى القاهرة مرة واحدة ، وهو ما يكشف أحد جوانب معاناة هؤلاء الذين يستحقون النظر الى مشكلتهم بعين الرحمة ، خاصة وأن لهم حقوق اقتصادية واجتماعية اكد عليها دستور 2014.
وتصرخ نجلاء محمود عاملة أخرى تعمل منذ اكثر من 20 عاما ، قائلة " أحنا شغالين للمشاوير ، بنقبض 150 جنيه وبنسافر بيهم آخر الشهر لاستجداء المسئولين فى القاهرة دون جدى ، حسبنا الله ونعم الوكيل"
وتؤكد انهم سافروا للقاهرة عقب ثورة 25 يناير وتقدموا بشكوى للنائب العام الأسبق المستشار عبد المجيد محمود ، والتقى بهم وقال لهم "حاضر " واسمتع لشكواهم و حولها لنيابة قصر النيل بالقاهرة ، وارسل العاملون المضارون محاميا ، ولكن المحامى أبلغهم بعد فترة من الوقت ان المحضر تم حفظه .
ويكشف على سيد أحمد ، أحد العملين بنظام الساركى منذ سنوات طويلة ، جانبا آخر من جوانب المأساة ، وهى ان هؤلاء العاملين لو أن أحدهم دخل العناية المركزة لظرف طارىء ، وغاب عن العمل عدة أيام ، يتم فصله من عمله ، دون ادنى حقوق لعاملين ليس لهم ما يعرف بالإجازات المرضية .
هؤلاء العاملون بالادارة الزراعية بأبو قرقاص بالمنيا ، وغيرهم من العاملين بذات النظام فى محافظات أخرى منها الدقهلية ، يناشدون كل الجهات المعنية ، وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة والرئيس السيسى ومجلس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء ووزارة الزراعة بحل مشكلتهم وتثبيتهم أسوة بباقى مواطنى الدولة الذين تم تثبيتهم فى السنوات الأربع الأخيرة .
إضافة تعليق جديد