رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 7 فبراير 2025 9:52 م توقيت القاهرة

كتب- د.ايهاب طلعت حفلات الزاروالأرواح الشريرة

في حي القلعة و على بعد أمتار من مسجد الرفاعي توجد واحدة من أشهر معدات الزار المعروفة . سيدة في الخمسينات من عمرها سمراء الوجه قوية البنيان و حولها ثلاثة من مساعديها الذين يتمتون بكلمات هامسة في الوقت الذي يضرب على الدفوف خمسة أفراد من الشباب في الخمسينات من عمرهم....
وبصعوبة شديدة دخلت الى هذه الحفلة بعد أن ذكرت لهم أنثى حالة مريضة عن العلاج وعندما قابلت الحاجة كما ينادونها أكدت أنني لست حالة مريضة وأنني يجب أن أصارحها قبل أن تكشف مرة ...و بعد جدل و نقاش قالت : صف حالة الزار كما تريد و لكن أحذرك أن تكتب اسم واحدة من زميلاتى أوتلتقط لهن صورة.
المكان الذي تتجمع فيها الحالات عبارة عن فراغ نحو 300متر مكعب بين منزلين قديمين و السيدة تمارس الزار بالوراثة عن والدها الذي توفى منذ تسع سنوات .. الوجوه الحاضرة عابس و مضطرب .. وأغلب الوجوه من السيدات والفتيات و بعض الرجال .. وتدخل الواحدة فتخفف بعض الشئ من ملابسها خاصة اذا كانت ترتدي الملاءة السوداء أو الجلباب الذي يرتدي أبناء الريف .. و بعض الحالات ينشغل في قراءة القرآن و البعض الأخر في الهمس و الهمز و القيل و القال .. و أغلب حالات الشكوى تنصب حول المرض العضوي و النفسي و بعضها يدور حول العلاقات الزوجية أو عدم الزواج و ربما المس الشيطاني ؟
و في لحظات يقف الجميع جوار الحاجة التي تنفخ في يدها خمس مرات يردد أتباعها بعض الكلمات ثم يبدأ الشباب في استخدام الدفوف و الموسيقى بشكل مدرج من الهدوء الى الارتفاع حتى يصل الى قمة ارتفاعها الى 15 دقيقة ووسط الحركات الضاخبة تسقط بغض السيدات على الارض ويصرخ بعض الشباب و لكن لم يلتفت اليهم أحد من منظمى الحفلة ...هذه الحفلات كما قالت الحاجة تتكرر للحالة الواحدة من خمس الى عشر مرات حسب نوع المرض و استجابة للحالة ...
*قلت لها ما نوعية المرض الذي تمارسينه ؟ 
كل الأمراض 
*و هل لكي علاقة بالجن؟ 
لا الجن حاجة و الأرواح الشريرة حاجة اخرى 
*.................................................
و أقرأ كتابا بل أمارس التجربة 
*.................................................
و آكره أحد على الحضور و لا آخذ النقود بشكل مباشر . 
*.................................................
كل مريض على حسب نيته يشفى لو كان عايز يشفي أشفيه و لو مش عايز لن أنفعه .
*.................................................
لا الزار ليس حراما و لا أنا نصابة و لا أتاجر في المخدرات. 
*.................................................
عورات السيدات لا تنكشف ثم أننا نعالج السيدات لا نكشف عوراتهم .. و الطبيب يكشف لعورات.. ايه المشكلة ؟؟!!
*قلت وأنا ألملم أوراقي : أنا مشفق على هؤلاء الضحايا الذين يبهدلون أنفسهم دون فائدة !!
قالت و أنت مالك و مين قال أنه دون فائدة .
و خرجت من عند الحاجة و قد تصدع دماغي من الطبول والصراخ و قد أمتلأ ذهني بعشرات التساؤلات أبسطها لماذا هذا الأجابة الأولى جاءت على لسان بعض المترددين على حفلات الزار ..
وفاء .. قالت لا أعرف أنا حضرت مع عمتي من أجل التخلص من الشجار مع زوجي .. 
حسنية .. من العمرانية من الجيزة ..
قالت أحس بالراحة النفسية بعد الزار و أعتقد أنني تعبانة نفسيا .. 
قال الشاب أسامة في انفعال لماذا لا أحضر الى هنا بعد أن يئست من الأطباء ؟!
و نفس المعنى أكدته سيدة في الثلاثينات من عمرها .
و أضافت أنا أبحث عن الولد و قد أنصحتني أحد جاراتي أن الزار سوف يعالج حالتي ! 
ممارسات خاطئة
و يؤكد الدكتور فوزى سيدأستاذ الصحة النفسية أن هناك ممارسات خاطئة ممن يدعون علاج الناس من أمراض نفسية وهم غير متخصصون في ذلك و هذه الظاهرة تعكس حالة من عدم الوعي باجوانب الصحية المختلفة ، ناهيك عما من يقع منهممن أمور أخلاقية لأنه لا توجد معاير أخلاقية أو مهنية أو قانونية تحكم هذا العمل كما أن الجهل و الفراغ من أسباب و شيوع هذه الظاهرة . 
و يرى الدكتور اسماعيل عبد الباري : أستاذ الأجتماع بكلية الأداب بجامعة الزقازيق أن هذه الظاهرة ترجع الي عدم الوعي الثقافي و الحضاري ، وأن احساس الكثير من الناس بما فيهم بعض المثقفين بالضياع و عدم القدرة على العلاج و التعامل مع الآخرين .
و يقول :علاج الظاهرة و التغلب عليها يتطلب اعادة النظر و بصورة جذرية في أساليب التربية و التنشئة و الثقافة والتعليم و نمط التفكير في المجتمع و لا بد من مقاومة بعض العادات الأجتماعية التي لا أساس لها من العقل و الشرع و القانون والعلم .
الأرواح الشريرة
وقال الدكتور فايز فودة أستاذ العقيدة والفلسفة : أن الزار تعتبر علاقة الأنسان بالأرواح التي صورة من صور الغموض التي أحاطت بتاريخ الأنسان .. و تقول أذا كانت الأرواح تعتبر أساسا لأيقاع الشر بالأنسان كما يعتقد البعض فاننا نلاحظ في احتفالات الزار أن الأرواح الشريرة الخطرة هي دائما من الرجال . فهم الذين يسيطرون على النساء يسخرونهن لتلبية مطالبهم بينما المرأة لا تستطيع أن تطلب شيئا من الروح المسيطرة و لا يذكر أبدا أن روح أمرأة سيطرت على رجل كان أو على أمرأة .
و هذا يعني أن لقب السيد الذي يطلق على التعريف المسيطر هو امتداد لنداء المرأة لزوجها يا سيدي .. والمرأة المريضة تعتقد أن الروح التي تدخل جسدها و تسيطر عليها تعفيها من تصرفاتها و تمنحها الحرية للقيام بتصرفات لا يوافق عليها المجتمع في ذلك الوقت ! 
كمل لأن الزار يجعل المرأة تخرج عن عزلتها و الاختلاط بنساء و رجال آخرين كالشيخ و المغني والمسيقيين و رجال آخرين مكرسين لخدمة الزار ! 
جرمة قانونية 
و إذا كان الزار سلوكا اجتماعيا و نفسيا خاطئا .. فالعقوبة القانونية على من يوهمون الناس بالشفاء ؟ 
يقول محمد خليل إبراهيم ( المحامى بالنقض ) : المشرع المصري حرم النصب حيث يعاقب بالحبس كل من توصل للإستلاء على نقود أو عروض أو سندات بالإحتيال لسلب ثروة الغير أو باستعمال طرق احتيالية ، من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث أمل بحصول ربح وهمي أو بتسديد المبلغ الذي أخذ بطريقة الاحتيال . و عقوبة الحبس هنا في حدود سنة و قد تصل إلى ثلاث سنوات .. و تعني هذه المادة أن كل شخص اتخذ مظاهر كاذبة يعتبر قد ارتكب جريمة نصب ، وهي جريمة مخلة بالشرف .. و من الأمثلة الشائعة لذلك أن يوهم شخص جماهير الناس بأنه قادر على شفاء مرض معين أو أمراض آخرى أو قادر على أن يولد المحبة بين الأزواج أو تزويج الفتيات ، و اتخذ لذلك مكانا معينا .. و يستوى في العالم والجاهل و أدعياء الشفاء من الأمراض الذين انتشروا غي الأونة الأخيرة و من أخطرهم ممارسة الزار !!
ممارسة الزار
و يؤكد الدكتور محمد سعيد عزام أستاذ العقيدة والفلسفة وعميد كلية أصول الدين بالأزهر الأسبق: أنه لا علاقة بين ممارسة الزار و دعوة الاتصال بالجن .. و يقول : الوقاية من الجن لها أسبابها الإيمانية والعلاج من المس له شروط وأسبابه الشرعية و ليس من بينها الزار و إذ كان يزعم البعض بأنهم يقيمون لترضية الجن ، فإننا لا نريد ترضيته بل نريد طرده من البدن، لأنه يرهق الأنسان و يجعله عاجزا عن الحركة في جسده ، فقد كان رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يقول للجن الذي لبس جسم الأدمى : ( أخرج عدو الله .. أنا رسول الله ) . 
لذلك فعل الشخص المريض علاقته بالله عز و جل ، و على المسلمين أن يتجهوا إلى الله تبارك و تعالى بالصلاة ، ففيها طمأنينة للنفس و القلب و صلة بالرب و تغلب على الشيطان . والوقاية من مس الشيطان و إيذائه للإنسان يكون بالتعوذ بأية ( الكرسى ) قبل النوم مع قراءة سورتى المعوذتين فأية الكرسى سيدة آيات القرآن الكريم وقد وردت في فضلها أحاديث كثيرة تبين حفظها الإنسان من الجن و غيره فقد ورد أن من يقرأها قبل النوم لا يقربه شيطان أبدا . وما هو ثابت شرعا من أنه لا يجوز التوادي بالمحرمات و منها الزار الذي قد يتم من خلاله الذبح لغير الله أو اختلاط الرجال بالنساء و تمايلهم و تراقيصهم و التي تعد امتداد لعادات جاهلية مورثية لم يحترمها الإسلام و لم يقرها الشرع الجنيف و بالتالي فأن ظاهرة الزار حراما شرعا .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.