رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 12 يوليو 2025 7:48 م توقيت القاهرة

فوكو والبحث عن ديكارت خارج نصه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إله إلا الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى لا تحصى نعمه عدا ولا نطيق لها شكرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والخليل المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على النهج اقتفى وسلم تسليما كثيرا ثم ما بعد ذكرت المصادر  أن المفكر العالمي فوكا في تحليله للكاتب والمفكر ديكارت وكتابه كان يقابل التأمل الديكارتي بالتأمل الفوكوي على نحو داخلي وفق قواعد ثلاث هي البحث عن ديكارت خارج نصه بالإستناد الى القراءة الهيغلية والنيتشويه والهوسيرلية والهايدغرية للنص الديكارتي، وقراءة النص الديكارتي بدءا بالقواعد كمدخل جوهري لبحث مسألة التأملات التي تستند إليها هذه الدروس الفوكوية أساسا، والتركيز على التأملات التي يسميها ديكارت ميتافيزيقية ويرفعها فوكو. 

إلى الرغبة في أن تكون علما، ويرى فوكو أن إكتشاف التأملات للكوجيتو وإعتبار التفكير مقياسا للوجود داخل مناطق الشك يكشف عن النمط التدريجي الذي تحفل به التأملات لتقول ما تريده في الوقت المناسب لفاعلية القول، وفي نهاية التقديم يقرّظ المؤلف القراءة الفوكوية لديكارت، التي لم تكتف بالتلقي وإنما حاكمت النص بمعادلة بين النص بين النص وتأويله وبين الشكل والمضمون، ومن الملاحظ هنا بروز التناقص عند المؤلف الذي لم يميز في قراءة فوكو بين المقابلة التأملية وفعل التأويل، ولم يكتفي فوكو بالإختفاء وراء سلطان ديكارت حسب المؤلف، بل أعلن بعض ثغراته وأظهر تردده بين الوضوح والتميز، وقد كان انغماس ديكارت في الثنائيات سببا في هذا التردد بين الفكر والجسم والتناهي واللاتناهي، والحقيقي والخاطئ. 

ولقد إكتشف ديكارت داخل التأملات المنهج التحليلي خلافا للقواعد التي تستند الى منهج تأليفي وهذا ما يميز كتاب التأملات من المؤلفات الديكارتية الأخرى حسب فوكو، وفي اللحظة الثالثة تبدأ فعليا دروس فوكو يوصفه قارئا لديكارت وفيها يبحث فوكو عن الصورة الديكارتية عند هيغل ثم عند نيتشه ثم عند هوسيرول وأخيرا يرسم صورة ديكارت كما رآها هايدغر، وذلك من خلال قضايا مجتزأة أو أحكام حول بعض النصوص والمسائل أصدرتها القراءات السالفة، فهيغل يعدّ ديكارت واضعا لأسس فلسفة الحداثة حيث إنتقلت الفلسفة بوساطته من سؤال معرفة إلى سؤال المعرفة، ثم الإنتقال من قيود الموضوعي إلى التحرر الذاتي في إطار تأصيل الكوجيتو، أنا أفكر، وأخيرا تسييد الإنسان على الطبيعة من موقع الأخلاق، في حين يرى نيتشه. 

أن مشروع المعرفة الديكارتي صارم حيث يلزم الفكر العامي بتأهيل رياضي كما أن تعميم الذاتية بحيث تعطي أحكاما موضوعية، يتضمن أكذوبة لا يحتملها الواقع، ثم وافق فهم فوكو لأحكام نيتشه على ديكارت يرى أنه يهمش العالم حين يتبعه بذات الإنسان ويراه يتقدم بلا تعرجات، ويكون بذلك أي ديكارت، مجرد صدى لفكر سابق عليه، يتحدد بالنسق السقراطي أو الأفلاطوني، وبعد أن قدم المؤلف عرض فوكو بعض الآراء حول فكر ديكارت محاولا تبيين موقعه من الفكر الحديث، ينتقل الى تحليل فوكو للفكر الديكارتي بدءا بالقواعد وإنتهاءا بالتأملات، وهنا يظهر أن المشروع الديكارتي وفق فكرة المعرفة الكونية، لا يعود الى مشروع العلم المغلق حول ذاته لكنه يمس الأخلاق أكثر منه المعرفي، وبذلك يمر ديكارت من المعرفة الى المنهج الذي يمكّن منها. 

لكل ذلك كانت القواعد وكان خطاب المنهج ثم جاءت التأملات، وهكذا ينتقل فوكو الى التساؤل عن ماهية المعرفة لدى ديكارت، فالمعرفة تجربة ثم إستنتاج التجربة تعطى للأنا مباشرة، أما الإستنتاج فهو شكل البرهنة أو التعقل بالإنتقال من تجربة معطاة الى قضية لم تقدمها التجربة، وبذلك يتضح الإختلاف بين الإستنتاج الذي لا يمكن أن يكون موضع خطأ وإنما يأتينا الخطأ من التجربة لذلك فالمعرفة الحقيقية او التعلّم الأولي الذي يحصل من التجربة، هو البداهة وهذا يمثل تراجعا من المعرفة المتأتية من التجربة الحسية وتفضيلا لمبدأ التعقل الرياضي كنموذج أصلي لإنشاء المعرفة كما يجب أن تكون.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
12 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.