رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 18 يناير 2025 12:00 م توقيت القاهرة

فأما اليتيم فلا تقهر

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وسيدنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد لقد وصي الله تعالي رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم باليتيم فقال له " فأما اليتيم فلا تقهر " وهناك سؤال نعتبر الجواب عليه هو المدخل الوحيد لكيفية التعاطي مع هذه الفئة، وهو الذي يرسم بوضوح نقطة البداية في التعامل مع اليتامى، وهذا السؤال هو كيف قدم الإسلام هذه الفئة إلى المجتمع ؟ وهو سؤال عميق تتقاطع في الجواب عليه أوامر الشرع وألفاظ اللغة وإرادة المجتمع المكلف وحتى تتضح معالم هذا الجواب. 

وما يحمله من المفاهيم المؤسسة للعلاقة الصادقة بين اليتيم والمجتمع نقدمه مفصلا من خلال عدة وجوه، فالوجه الأول وهو مع اللفظ ومعناه، حيث يبدأ القرآن الكريم كعادته دائما بتسمية الشيء بإسمه ليبني على هذا الشيء مقتضاه، فعندما أطلق القرآن وصف اليتم بصيغة الإفراد والتثنية والجمع وكرر لفظ اليتيم ومشتقاتها أكثر من عشرين مرة في الكتاب العزيز، كان المقصود من ذلك بيان أن صفة اليتم ليس فيها عيب ولا تهمة وأن فقد الآباء والأقرباء ليس سخرية من القدر أوجبت احتقارا من البشر، فاليتيم شخص كامل في شخصيته تام في إنسانيته، وبالتالي فلا مكان للشعور بالدونية أو الإحساس بالنقص لدى اليتيم، وكما كان وراء إطلاق هذا الوصف. 

إفهام الناس أن اليتيم شخص وحيد منقطع مهمل على ما تؤديه هذه الكلمة من معان في اللغة، كلها من لوازم اليتم وكلها تنطبق على اليتيم، وكان القصد منها طبعا لفت الإنتباه إليه لسد حاجته وإصلاح شأنه، وأما عن الوجه الثاني وهو كيف قدم الإسلام اليتيم إلى المجتمع ؟ وفي أروع صورة إنسانية شهدتها المجتمعات الحضارية قدم الإسلام هذه الفئة إلى المجتمع، فلم يقدمهم على أنهم ضحايا القدر أو بقايا المجتمع كما هو شائع في مجتمعات أخرى، بل كانوا موضوعا لآية قرآنية كريمة رسمت عنهم صورة إيمانية تسمو على كل الإرتباطات المادية والدنيوية، حيث يقول تعالى " وإن تخالطوهم فإخوانكم " وهذا في اليتامى ويقول تعالى في موضع آخر في سورة الأحزاب. 

" فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم " وهذا في مجهول النسب ممن فقد والديه، ففقد العلم بالنسب يثبت للشخص بدلالة الآية الكريمة أخوة دينية وولاية خاصة تجلب له عند تطبيق مقتضياتها مصالح جمة وخدمات لا تحصى، فمن منا يقول لليتيم أخي ويقول لليتيمة أختي ؟ ولئن كانت هذه التسمية هي الحقيقة إلا أن فيها كذلك أدبا قرآنيا جما في الخطاب وتطييبا لقلوب هؤلاء المخاطبين المنكسرة نفوسهم، فإنهم إخواننا في الدين ومن هنا ينبغي أن تبدأ علاقتنا بهم وسط مجتمع مسلم أدبه الإسلام ووصفه القرآن بأنه لا يدع اليتيم ولا يقهره ولا يأكل ماله.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.