رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 17 يناير 2025 7:58 م توقيت القاهرة

رجب الأصم.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وحذر من كل مسكر ومفتر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله فهي وصية الله للأولين والآخرين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية التاريخية الكثير والكثير عن شهر رجب وقيل أن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه وإحترامه فنسب إليهم لذلك، فلقد كانوا يحرّمون فيه القتال، حتى أنهم كانوا يسمّون الحرب التي تقع في هذا الشهر حرب الفجار، وكانوا يتحرّون الدعاء في اليوم العاشر منه على الظالم، وكان يستجاب لهم، وقد ذكر ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال إن الله كان يصنع بهم ذلك ليحجز بعضهم عن بعض، وإن الله جعل الساعة موعدهم، والساعة أدهى وأمر.
وكانوا يذبحون ذبيحة تسمى العتيرة، وهي شاة يذبحونها لأصنامهم، فكان يصب الدم على رأسها وأكثر العلماء على أن الإسلام أبطلها، لحديث الصحيحين " لا فرع ولا عتيرة " وذكر بعضهم أن لشهر رجب أربعة عشر اسما وهم شهر الله ورجب، ورجب مضر، ومنصل الأسنة، والأصم، والأصب ومنفس ومطهر ومعلى ومقيم وهرم ومقشقش ومبرئ، وفرد، وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب منصّل الأسنة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة وهو كوم من تراب، ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا منصّل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب.
وقال البيهقي كان أهل الجاهلية يعظمون هذه الأشهر الحرم، وخاصة شهر رجب فكانوا لا يقاتلون فيه، وكانوا يسمونه أيضا رجب الأصم لسكون أصوات السلاح وقعقعته فيه، وللأشهر الحرم مكانة عظيمة، ومنها شهر رجب بالطبع، حيث قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام " أي لا تحلوا محرماته التي أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن إرتكابها فالنهي يشمل فعل القبيح ويشمل إعتقاده، وقال الله تعالى " فلا تظلموا فيهن أنفسكم " أي في هذه الأشهر المحرمة، والضمير في الآية عائد إلى هذه الأربعة الأشهر على ما قرره إمام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله فينبغي مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرا لما لها من حرمة.
ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله ولذلك حذرنا الله تعالي في الآية السابقة من ظلم النفس فيها مع أنه أي ظلم النفس ويشمل المعاصي يحرم في جميع الشهور، وقال قتادة العمل الصالح أعظم أجراً في الأشهر الحرم، والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، وقال ابن عباس رضي الله عنهما يريد استحلال الحرام والغارة فيهن، وقال محمد بن إسحاق لا تجعلوا حلالها حراما ولا حرامها حلالا كفعل أهل الشرك، وهو النسيء، وقال القرطبي رحمه الله لا تظلموا فيهن أنفسكم بإرتكاب الذنوب لأن الله سبحانه إذا عظم شيئا من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة.
فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس كثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله تعالى " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين"

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.