رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 21 أغسطس 2025 10:08 م توقيت القاهرة

الخشية الحقة والخوف المحمود.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إن الخشية الحقة والخوف المحمود هو الذي يحمل على العمل، فلا يزال يدفع بصاحبه إلى الطاعة وينفره من المعصية والخشية الحقة هي التي تربي القلب حتى لا ينظر إلى صغر المعصية، ولكن ينظر إلى عظمة من عصى، وقال الحسن "إن الرجل ليذنب الذنب فما ينساه وما يزال متخوفا منه حتى يدخل الجنة" رواه البخاري ومسلم، وقال ابن عون لا تثق بكثرة العمل فإنك لا تدري أيقبل منك أم لا، ولا تأمن ذنوبك فإنك لا تدري أكفرت عنك أم لا.
وخشية الله تعالى إنما تظهر في أوقات الخلوات وساعات الوحدة والعزلة عن الخلق، فكثير أولئك الذين يتصدقون أمام الناس ولكنهم في السر قليل وكثير الذين يتورعون عن ظلم الناس أمام الناس وهم في السر أظلم الخلق، وكثير هم أولئك الذين يقومون بالطاعات ويهجرون المعاصي في حضرة الخلق وإذا خلوا بمحارم الله إنتهكوها، فيقول تعالي " إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير" فيا أيها الإخوة المؤمنون، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، فقد كان من أخشى الناس لربه، وأكثرهم تعظيما وإجلالا له سبحانه، فروى الإمام مسلم عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت فقدت رسول الله ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد أي في السجود، وهما منصوبتان وهو يقول "اللهم أعوذ برضاك من سخطك،
وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" وهكذا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان في خوفهم من الله وخشيتهم له، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لو نادى مناد من السماء أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلا واحدا لخفت أن أكون أنا هو" وقرأ عمر بالطور فلما بلغ "إن عذاب ربك لواقع" بكى وإشتد بكاؤه حتى مرض أياما في بيته، وصلى زرارة ابن أبي أوفى بالناس صلاة الفجر، فلما قرأ "فإذا نقر في الناقور" خر مغشيا عليه فمات رحمه الله، وقام الحسن بن صالح ليلة يقرأ "عم يتساءلون" فغشي عليه فلم يختمها إلى الفجر، وقرأ عمر بن عبد العزيز قوله تعالى "إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون" فجعل يرددها إلى الصباح ويبكي وقرأ تميم الداري.
"أم حسب الذين إجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات" فجعل يرددها ويبكي، وقيل للإمام أحمد ما أكثر الداعين لك، فتغرغرت عينه بالدموع وقال أخاف أن يكون هذا استدراجا، وهكذا كانت أحوالهم فليت شعري أين نحن منهم، والواحد منا يقيم على الذنب تلو الذنب ولا يتحرك قلبه ولا تدمع عينه خوفا من الله تعالي، وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال كيف تجدك؟ قال والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف" رواه الترمذي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم "

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 12 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.