اصطفي الله سبحانه الرسل, وفضل بعضهم علي بعض قال الله تعالي:( تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض) واصطفي الله سبحانه بعض الأزمنة وفضلها مثل شهر رمضان وليلة القدر ويوم عرفة ويوم عاشوراء ويوم الجمعة.
واصطفي بعض الأمكنة والبلاد التي خصها رب العباد ببعض الخصوصيات مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة, والقدس الشريف.
ومن الأمكنة والبلاد التي لها بعض الخصوصيات: ارض الكنانة, مصر المحروسة, وقد قضت الارادة الإلهية أن تكون لمصر هذه الخصوصية في الدفاع عن الأمن القومي لأمتها, ولتصون حدودها وتكافح عن عقيدتها وهويتها.
ومن أجل ذلك كان جند مصر خير أجناد أهل الأرض, وكان لقواتها المسلحة مكانتها فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد أهل الأرض) قيل: ولم كانوا كذلك يارسول الله؟ قال:( لأنهم وأزواجهم في رباط إلي يوم القيامة).
وفي هذا بيان بأن جند مصر وقوات مصر خير أجناد أهل الأرض, والسر في هذا أنهم يحمون ثغور الأمة ويظلون مع أهليهم في رباط في سبيل الله, انهم يحمون الثغور, ويصونون أمن الأمة وينافحون عنها, ويظلون علي هذا النحو إلي يوم القيامة, وهذا هو قدر مصر الذي قدره الله لها, وتلك هي مكانتها التي بوأها الله سبحانه وتعالي إياها, وان العيون الساهرة التي تبيت لحراسة الأمن في سبيل الله أهلها هم أهل الجنة لاتمسهم النار, كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
(عينان لاتمسهما النار: عين بكت من خشية الله, وعين باتت تحرس في سبيل الله).
وكما أن مصر كنانة الله في أرضه وأن جندها خير أجناد أهل الأرض, لانهم وأهليهم في رباط إلي يوم القيامة, فانها أيضا حفيظة علي تراث الاسلام الذي يمثل أشرف تراث في الوجود كتابا وسنة وتشريعا, فقد شاء الله تعالي بعد القرون الثلاثة الأولي أن تنهض مصر بأزهرها الشريف منذ أكثر من ألف عام ليحتضن الثقافة الاسلامية الاصيلة كتابا وسنة وفقها وتوحيدا وسيرة نبوية وتاريخا اسلاميا, إلي غير ذلك من العلوم الاسلامية, فقد كادت تطيح الهجمة التترية الشرسة بتراث الاسلام وعلومه لولا قيام الأزهر الشريف علي أرض الكنانة, فكان وجوده إرادة إلهية لحماية الدين وعلومه من الذين أرادوا شرا بالاسلام والمسلمين, لولا قيام الأزهر وحمايته لعلوم الاسلام واستقباله لأبناء المسلمين من كل بقاع العالم حيث نفروا إليه, فاستقبلهم في أروقته التي سميت بأسماء بلادهم ففيها رواق الحجاز ورواق الشوام ورواق المغاربة وهكذا.
لقد استقبل أبناء المسلمين حيث نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم, كما قال الله سبحانه وتعالي:( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون).
وكما استقبل الأزهر أبناء المسلمين من كل الارض فقد بعث بعلمائه إلي بلاد العالم الاسلامي ليقوموا بأداء رسالة الاسلام ونشرها, وتعليم أبناء المسلمين, والإسهام في نهضة دول العالم العربي والاسلامي, دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
وظلت عناية الله لمصر منذ قديم الزمان فقد حفظها بعنايته, لأن جندها خير أجناد أهل الأرض لرباطهم في سبيل الله مع أهليهم.
ولأن بها قبلة العلوم الاسلامية ومنارة المعرفة المتمثلة في أزهرها الشريف.
ولأنها التي استقبلت الفتح الاسلامي منذ أول وهلة, ودخل أهلها في دين الله أفواجا دون اراقة دماء.
ولأنها التي استقبلت الصفوة من آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم حين آثروها بالإقامة فيها فاستقبلتهم بالحب والايمان الصحيح الذي لا غلو فيه ولاتطرف ولا ارهاب, ولكن عملا بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي قال( أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة وأحبوني لحب الله, وأحبو آل بيتي لحبي).
من أجل ذلك عرفت بأنها أرض الكنانة, وأنها المحروسة, وما رماها رام إلا رده الله علي أعقابه خاسرا.
وإذا تعرضت مصر لبعض الظواهر العدوانية, فإنها لايمكن أن تستمر ولا أن يكون لها التأثير الضاغط علي مصر, فالناظر إلي مواقفها من تلك الظواهر العدوانية عبر عصور التاريخ, حين تعرضت للاستعمار مرة, وحين تعرضت لبعض الحروب التي خاضتها دفاعا عن أمتها ـ يري أن الله سبحانه وتعالي قد صانها من عدوان المستعمرين, ومن طغيان المعتدين, وأتم الله تعالي النصر, وكانت العاقبة لها, فالعاقبة للمتقين.واذا ما تعرضت اليوم إلي بعض الدسائس والمكائد في شكل محاولات يائسة لإحداث القلاقل وتفجير الفتن فإن الله تعالي بالمرصاد لكل الماكرين والغادرين. وليعلم كل من يحاول ممارسة ظاهرة الارهاب علي المستوي الفردي أو الجماعي أو الدولي, أنه سيبوء بإثم كبير.
وها نحن أولاء بعد الثورة الناجحة إذ نجني ثمار الحق والخير والنص( يجب علينا أن نحافظ علي أمن مصر مما تفشي من بعض ظواهر البلطجة وبعض العابثين بأمن الوطن أو احداث فتنة طائفية).
إضافة تعليق جديد