بقلم / محمـــد الدكـــروري
ان الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا واشهد أن لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله "يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون" ،" يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام انه كان عليكم رقيب" ، " يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما" ثم أما بعد إن الحديث عن سيرة السادة والعظماء يأخذ بمجامع القلوب وتشرأب إليه أعناق أولي النهى تزدان بسيرهم المجالس وتعطر بأخبارهم الأندية ويتوق إلى معرفة سيرهم أصحاب الهمم وعشاق المعالي.
فما بالكم إذا كان الحديث عن إمام العظماء وأشرف الشرفاء وسيد النبلاء ما بالكم إذا كان الحديث عن البدر يسري بضوئه متعة للسامرين ودليلا للحائرين بل هو الشمس تهدي نورها وجه الأرض فيتلألأ ضياء ونورا، فقال الله تعالى في سورة الأحزاب "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" فقد إشتملت هذه الآية الآمرة بالصلاة والتسليم علي الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه "وسلموا تسليما" وفي معنى السلام عليه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أوجه أحدها هو السلامة من النقائص والآفات لك ومعك، أي مصاحبة وملازمة، فيكون السلام مصدرا بمعنى السلامة كاللذاذ واللذاذة، والملام والملامة، ولما في السلام من الثناء عدى بعلى لإعتبار معنى القضاء أي قضى الله تعالى عليك السلام، لأن القضاء كالدعاء لا يتعدى بعلى للنفع.
ولا لتضمنه معنى الولاية والإستيلاء لبعده في هذا الوجه، ثانيها السلام مداوم على حفظك ورعايتك، ومتول له وكفيل به ويكون السلام هنا اسم الله تعالى، ومعناه على ما إختاره بعضهم من عدة أقوال ذو السلامة من كل آفة ونقيصة ذاتا وصفة وفعلا، وقيل إذا أريد بالسلام ما هو من أسمائه تعالى فالمراد لا خلوت من الخير والبركة، وسلمت من كل مكروه لأن اسم الله تعالى إذا ذكر على شيء أفاده ذلك، وقيل الكلام على هذا التقدير على حذف المضاف أي حفظ الله تعالى عليك، والمراد الدعاء بالحفظ، وثالثها الإنقياد عليك، على أن السلام من المسالمة، وعدم المخالفة والمراد الدعاء بأن يصير الله تعالى العباد منقادين مذعنين له عليه الصلاة والسلام ولشريعته، وكما أن صيغة السلام على النبي صلى الله عليه وسلم هو قولنا في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
وحكى الإمام ابن عبد البر، إحتمالا آخر وهو أنه السلام الذي يعقبه التحلل، وإستظهر الأول وهو كذلك، وأما عن حكم السلام علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال العلماء بأن الأصل في السلام عليه صلى الله عليه وسلم هو الندب، ولكن قد يرتقي إلى درجة الوجوب في مواضع منها في التشهد الأخير، وكلما ذكر ذهب إلى هذا بعض السلف، ويجب بالنذر لأنه قربة، وجاء لفظ الصلاة في الإصطلاح الشرعي على عدة معاني بحسب ما تقترن به وهي أن صلاة الله على رسوله رحمته له وحسن ثنائه عليه، ومنه قوله عز وجل "إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما" والصلاة من الملائكة دعاء وإستغفار، ومن الله رحمة وبه سميت الصلاة، لما فيها من الدعاء والإستغفار، وفي الحديث "التحيات والصلوات" والصلوات معناها الترحم وقوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي" أي يترحمون.
إضافة تعليق جديد