رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 21 أبريل 2025 4:29 م توقيت القاهرة

مدرسة د/ عزازي علي عزازي الثانوية المشتركة... حين يُصبح المدير أسطورة حقيقية من لحم ودم

بقلم د /سماح عزازي 

في قلب قرية أكياد التابعة لإدارة فاقوس التعليمية بمحافظة الشرقية، كُتبت واحدة من أجمل حكايات التعليم في مصر، لكنها لم تكن حكاية من حبر على ورق، بل واقع ملموس، تغيّر وتحوّل بإرادة رجل، لا يشبه غيره من المديرين، رجل يُكتب اسمه في سجلات الوفاء والنبوغ:
الأستاذ عبد المنعم علي عزازي، مدير مدرسة د/ عزازي علي عزازي الثانوية المشتركة، الذي أثبت أن التعليم رسالة، وأن القيادة إلهام، وأن المدرسة يمكن أن تتحوّل من مبنى بارد إلى حضن دافئ يشع بالحياة والمعرفة.

من أرض قاحلة إلى جنة خضراء
حين تولى هذا القائد زمام المدرسة، كانت المباني قديمة، والجدران باهتة، والسبورات متآكلة، والأرض قاحلة لا زرع فيها ولا ظلّ.
لكن بإرادته، وبجهود ذاتية خالصة، وبدعم كريم من المجتمع المدني وأولياء الأمور الشرفاء، تحوّلت المدرسة إلى معلم حضاري نموذجي.
أعيدت صيانة الفصول والحمامات، جُددت الأرضيات والحوائط، وغطّى الزرع جوانب المدرسة، حتى صارت قطعة خضراء في قلب الريف، تنبض بالحياة والجمال.
لم تكن هناك مخصصات حكومية كافية، لكن الرجل صاغ المستحيل، وجعل من "اللا ممكن" واقعًا ناطقًا.

حين آمن المجتمع بقائده
ما كان لكل هذا الإنجاز أن يكتمل لولا الثقة التي زرعها مدير المدرسة في قلوب الناس، فأثمرت دعمًا وتعاونًا قلّما نجده في زمننا.
لقد التفّ المجتمع المدني حول المدرسة، لا بأحاديث الشكر، بل بالفعل والبذل والعطاء.
تبرّع أولياء الأمور، وساهم الأهالي، وشارك المحبون، لأنهم رأوا في مديرها رجلًا صادق النية، واضح الهدف، يضع مصلحة الطالب قبل كل شيء، ويجعل من المدرسة بيتًا ثانيًا لكل أبناء القرية.
لقد تحوّلت المدرسة إلى نموذج حيّ للتكامل بين القيادة الواعية والمجتمع المؤمن برسالته، فصارت كل طوبة، وكل نبتة، وكل سبورة، شهادة حية على معنى الشراكة الحقيقية في بناء المستقبل.

حين التوفيق من الله وحسن النية
لكن، في النهاية، لا يمكن أن نغفل عن أن كل هذا الإنجاز لم يكن ليتم لولا توفيق الله سبحانه وتعالى، الذي كان المدد الأكبر لهذا العمل العظيم.
لقد كان حسن النية مع الله هو الأساس في كل خطوة من خطوات هذا التغيير الجذري. فقد بدأ المدير في تنفيذ رؤيته بعزم، ولكن بعين يقظة لأمر الله ورعايته، مما جعل من كل تحدٍ فرصة، ومن كل صعوبة سبيلاً للنجاح.
ولأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، فقد كانت نتائج جهوده واضحة للعيان، تُترجم في كل زاوية من زوايا المدرسة، وفي كل قلب من قلوب الطلاب الذين استفادوا من عنايته ورؤيته الثاقبة.

رؤية تعليمية تنبض بالرحمة والعدل
المدير الأسطوري لم يكن منشغلًا بالشكل فقط، بل أدار المنظومة التعليمية بقلب أب، وعقل قائد.
وفّر للطلاب وسائل تعليم محفزة، وجعل من المدرسة مكانًا جاذبًا، حتى وصلت نسبة الحضور إلى 100٪، وهو رقم نادر في مدارسنا.
احتضن الطلاب المتفوقين، وفتح أبواب الدعم للضعفاء، فوفّر مجموعات تقوية مجانية للطلاب الأيتام وغير القادرين، داخل المدرسة، وحشد المجتمع المدني لتوفير الزي المدرسي والمصاريف لمن يحتاج، دون أن يحرج كرامة أحد.
هنا كان التعليم حقًا للجميع، لا حكرًا على أبناء القادرين.

مسابقة أوائل الطلبة... وتحفيز التفوق
في مبادرة غير مسبوقة، أطلق المدير مسابقة أوائل الطلبة بين الصف الأول والثاني الثانوي، وتعهّد بجوائز ضخمة، ما دفع الطلاب للمذاكرة والتنافس الشريف، وعاد للحياة المدرسية بريقها الجميل.
صارت القاعة تعجّ بالحماسة، والجوائز تُسلَّم في احتفالات تليق بأبطال العلم.

حفلة تكريم المعلمين... وفاء لا يُنسى
في زمنٍ ندر فيه الوفاء، قرر المدير أن يكرّم أصحاب الفضل، فأقام احتفالًا مهيبًا لتكريم معلمي المدرسة السابقين الذين خرجوا على المعاش.
دمعت العيون، وتهلّلت القلوب، حين شاهد الجميع هذا المدير يقدّر من سبقوه، ويردّ لهم الجميل، وسط تصفيق طلاب ومعلمين وأولياء أمور.

مسابقة حفظ القرآن... وتربية القلوب مع العقول
الإدارة عنده لم تكن مادية صمّاء، بل روحانية أيضًا، فبادر بتنظيم مسابقة لحفظ القرآن الكريم، وكرّم الفائزين في احتفال بهيج، جمع بين نور العلم ونور الكتاب، وحضرته رموز القرية والمجتمع.

الملتقى الثقافي... حين يلتقي الفن بالتعليم في قلب قرية
وفي مشهد لا يُنسى، نظّمت المدرسة ملتقى ثقافيًا فريدًا من نوعه عن علاقة الفن الراقي بالتعليم، كان الأول من نوعه داخل المدارس الثانوية بقرى مصر.
حضره نخبة من كبار المفكرين، على رأسهم:
أ.د/ هيثم الحج علي – رئيس الهيئة العامة للكتاب
أ.د/ مراد منير – مدير مؤسسة غاية للإبداع
أ.د/ أمل ربيع – رئيس مجلس إدارة مؤسسة غايا
وشرفه حضور قيادات التعليم وأعيان قرية أكياد والمجتمع، من بينهم:
المستشار/ محمد حنفي مجاهد
الأستاذ/ أشرف يحيى – نائب مدير قطاع البنك الأهلي ورئيس مجلس الأمناء
العمدة/ منير يونس
الأستاذ/ محمد هندي – مدير التعليم الثانوي
الأستاذ/ عاطف الشورى – مدير التعليم الإعدادي
الأستاذ/ حسام عبدالله – مدير المتابعة
الدكتور/ حاتم عزازي – مستشار الوزارة ومدير الإحصاء
الأستاذ/ عادل حميد – مدير المشتريات
الأستاذ/ أحمد حسن – موجه أول الحاسب الآلي
والإعلامية/ سلوى محمد – بجريدة الجمهورية والحدث اليوم
وقد تابعت الحدث وسائل الإعلام والقنوات ، ليصبح الملتقى علامة مضيئة في سجل مدرسة استثنائية.

حين تلتقي القرابة بالقدوة
وما أروع أن تحمل المدرسة اسم رجل من العائلة، وتُدار على يد من يتقن فن القيادة بحبّ وانتماء!
لقد حملت هذه المدرسة اسم الراحل الكريم د/ عزازي علي عزازي، الذي خُلد اسمه في صرح علمي يخدم أبناء القرية وأجيالها، فصار الاسم منارة لا تُنسى.
وتشاء الأقدار أن يكون على رأس إدارتها اليوم الأستاذ الجليل عبد المنعم علي عزازي، ابن العائلة، لكنه قبل ذلك ابن التربية والتعليم، الحريص على كل طالب كما يحرص على ابنه، وعلى كل معلم كما يجلّ أخاه.
هو ليس فقط اسمًا يتكرر على الجدران، بل روحًا تسكن كل ركن من المدرسة... فهنيئًا للمدرسة بهذا الإرث، وهنيئًا لنا بهذه القيادة.

كلمة ختام... من قلب خريج لا ينسى الفضل
أنا أحد خريجي هذه المدرسة، وما رأيته فيها من نهضة وتطور لم يكن محض صدفة، بل ثمرة رجل آمن برسالته، ووهب نفسه لمدرسته. الأستاذ عبد المنعم عزازي علي عزازي 
قد يظن البعض أن شهادتي مجروحة، وأن صمتي كان أولى ما دام الحديث عن عمي ومدير مدرستي في آنٍ واحد.
لكنني — وحتى لحظة كتابة هذه السطور — كنت في صراع بين الحياد المهني والانتماء العائلي، إلى أن تغلّبت الحقيقة، وفرض الواجب قلمي على الورق.
فأن أتجاهل هذا النموذج المشرف، لمجرد أنه عمي، هو خيانة لقيمة القدوة، وتقصير في حقّ شخصية استثنائية تستحق أن تُكتب سيرتها بحروف من نور.
لقد عشت سنواتي الدراسية بين جدران هذه المدرسة، قبل أن أراها اليوم وهي تتلألأ في مصافّ المدارس النموذجية، فأدركت أن الاسم لم يكن مجرد حظ، بل رسالة، وأن الإدارة لم تكن منصبًا، بل تضحية وإبداع. فهو ليس مجرد مدير...
إنه قيمة وقامة، نموذج نادر في زمن اختلطت فيه الأمور، أسطورة حقيقية لا تُروى في الحكايات، بل تُكتب في واقعٍ مشهود، وشهودها كل من مرّ عبر بوابة المدرسة وشاهد الفرق.

مدرستنا... زينة وزهرة مدارس الشرقية
وما تزال مدرسة د/ عزازي علي عزازي الثانوية المشتركة، بأرضها الخضراء، وبنيانها المتطور، وروحها الحية، زينة مدارس الشرقية، وقدوة لكل إدارة تعليمية تبحث عن النجاح الحقيقي.

نموذج يُحتذى... ودعوة لتعميم النجاح
إهداء  من قرية في الشرقية... درس في القيادة يُهدى لكل مدرسة ليت كل مدرسة تجد من يقودها بهذا الصدق والإيمان، ولعل وزارة التعليم تستلهم من هذه التجربة ما يعيد الهيبة والروح إلى مدارسنا.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.