اليوم : الثلاثاء الموافق 19 نوفمبر 2024
الحمد لله مُعين الصابرين، أحمده سبحانه يكشف الهم ويزيل الغم عن المكروبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد الصابرين وإمام المتقين، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد اعلم أن من إغتابك فقد أهدى لك حسناته وحط من سيئاتك وجعلك مشهورا وهذه نعمة، ولا تشدد على نفسك في العبادة والزم السنة واقتصد في الطاعة واسلك الوسط وإياك والغلو، وأخلص توحيدك لربك لينشرح صدرك، فبقدر صفاء توحيدك ونقاء إخلاصك تكون سعادتك، وكن شجاعا قوي القلب ثابت النفس لديك همة وعزيمة ولا تغرك الزوابع والأراجيف، وعليك بالجود فإن صدر الجواد منشرح وباله واسع والبخيل ضيق الصدر مظلم القلب مكدر الخاطر.
وأبسط وجهك للناس تكسب ودهم وألن لهم الكلام يحبوك وتواضع لهم يجلوك، وادفع بالتي هي أحسن وترفق بالناس وأطفئ العداوات وسالم أعداءك وكثر أصدقاءك، وروي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه فأقرع بيننا في غزاة غزاها فخرج سهمي فخرجت معه بعد ما أنزل الحجاب فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع أظفار قد إنقطع فرجعت فالتمست عقدي فحبسني إبتغاؤه.
فأقبل الذين يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ولم يغشهن اللحم وإنما يأكلن العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج فإحتملوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدي بعد ما إستمر الجيش فجئت منزلهم وليس فيه أحد فأممت منزلي الذي كنت به فظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة غلبتني عيناي فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني وكان يراني قبل الحجاب فإستيقظت بإسترجاعه حين أناخ راحلته فوطئ يدها فركبتها فإنطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرسين في نحر الظهيرة.
فهلك من هلك وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت بها شهرا والناس يفيضون من قول أصحاب الإفك ويريبني في وجعي أني لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض إنما يدخل فيسلم ثم يقول كيف تيكم ؟ لا أشعر بشيء من ذلك حتى نقهت فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع متبرزنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في البرية أو في التنزه فأقبلت أنا وأم مسطح بنت أبي رهم نمشي فعثرت في مرطهافقالت تعس مسطح فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا فقالت يا هنتاه ألم تسمعي ما قالوا ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا على مرضي.
إضافة تعليق جديد