اليوم : الأحد الموافق 1 ديسمبر 2024
الحمد لله بيده مفاتيح الفرج، شرع الشرائع وأحكم الأحكام وما جعل علينا في الدين من حرج، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قامت على وحدانيته البراهين والحجج، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله هو المفدى بالقلوب والمهج، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ساروا على أقوم طريق وأعدل منهج، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن من فقه التعامل أن يعرف الرجل أقدار الناس، فينزلهم منازلهم، ولذا كان توجيه الرسول الكريم المصطفي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عبادة بن الصامت أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس من أمتى من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه " رواه أحمد والطبراني.
ولقد حثت الشريعة الإسلامية الصغار على إحترام الكبار وأمر الصغار بإجلال الكبار وتعظيمهم والرفق بهم وعدم التطاول عليهم أقوالا وأفعالا، وهذه شريعة الإسلام تدعو المسلم إلى أن يكرم أخاه المسلم الذي تقدمه سنا وسبقه في هذه الحياة، تدعوه إلى أن يحترمه ويكرمه ويراعي له كبره وسابقته في الإسلام، فيجل الكبير ويحترمه، ويعرف له قدره ومكانته، والكبير مأمور برحمة الصغار والعطف عليهم والرفق بهم والإحسان إليهم، وهذه المنافع المتبادلة بين أفراد المجتمع المسلم تثبت أواصر الحب والوئام بين الجماعة المسلمة، ولقد حثنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم على هذا الخلق الكريم ورغبنا فيه، فيبيّن لنا نبينا أن من أحسن إلى الكبير في الدنيا هيّأ الله لذلك المحسن عند كبر سنه ورقة عظمه من يجازيه بهذا العمل الصالح.
فيقول صلى الله عليه وسلم " ما من مسلم يكرم ذا الشّيبة إلا قيّض الله له من يكرمه في سنه " رواه الترمذي، وقال "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة من المسلمين وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وذي السلطان المقسط" رواه أبو داود، وحينما أتاه صلى الله عليه وسلم جرير بن عبدالله البجلى، وهو فى بيت مزحوم، فلما لم يجد مكانا يجلس فيه ألقى إليه النبى صلى الله عليه وسلم برداءه ليجلس عليه فأخذه جرير فضمه، ثم قبله ثم رده على النبى صلى الله عليه وسلم وقال أكرمك الله يا رسول الله كما أكرمتنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أتاكم كريم قوم فاكرموه " رواه الطبراني، وتحكى السيدة عائشة رضى الله عنها موقف آخر يدل على معرفة النبى صلى الله عليه وسلم لأقدار الناس فتقول.
" أتيت النبى صلى الله عليه وسلم بجريرة وهى الحساء المطبوخ من الدقيق والدسم والماء، قد طبختها له، فقلت لسودة والنبى صلى الله عليه وسلم بينى وبينها كلى فأبت فقلت لتأكلين أو لألطخن وجهك فأبت فوضعت يدى فى الجريرة فلطخت وجهها، فضحك النبى صلى الله عليه وسلم فوضع بيده لها وقال لها الطخى وجهها فضحك النبى صلى الله عليه وسلم لها، فمر عمر فقال يا عبد الله يا عبدالله فظن أنه سيدخل، فقال قوما فاغسلا وجوهكما، قالت عائشة فمازلت أهاب عمر لهيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم " فاللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم ثبت أقدام إخواننا المرابطين على الحدود والثغور، اللهم احفظهم بحفظك، وسدد آراءهم ورميهم يا رب العالمين، اللهم من أراد ببلادنا شرا وسوءا فاجعل تدبيره تدميرا عليه يا قوي يا عزيز.
إضافة تعليق جديد