فى 20 نوفمبر 1989،اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل ، وفى 24 مايو 1990 انضمت مصر إليها ، وصدقت عليها فى 2 سبتمبر 1991 . مدلولات التواريخ وعلاقاتها بحرب تحرير الكويت من صدام حسين ، توحى بأن واضعى الاتفاقية كان لهم رؤية ثاقبة ، فكأنما كانوا يرون حال الطفل العربى الذى وصل إليه الآن فى العراق وسوريا واليمن وغيرها ، فضلا عن مآساة الطفل الفلسطينى التى يتناساها المجتمع الدولى الآن . وقد آليت على نفسى أن استغل الذكرى الـ 26 لدق ناقوس الخطر بشأن تلك القضية التى صارت تمثل مصدر إزعاج كبير فى معظم الدول العربية ، وهدفى من وراء ذلك حث الناس على التوحد وراء مصر "الوطن والمواطن" حتى لايعانى الطفل المصرى ما يعانيه الأطفال فى حلب سوريا والبصرة العراق . ولست أقصد مما سبق ، أن حالة الطفل المصرى مرضية ، أو أقصد أنه فى أحسن حال ، فظاهرة أطفال الشوارع فى مصر مازلت تزداد يوما بعد يوم ، وتنغص علينا حياتنا ، خاصة فى الظروف الحالية ، حيث ارتفاع الأسعار وتزايد الضغوط الاقتصادية بشكل يدفع لتمدد هذه الظاهرة وزيادة معدل جرائمها. وتجدر الإشارة إلى أن أطفال الشوارع ظاهرة دولية ولاتقتصر على مصر فقط ، ففى الهند وحدها 18 مليون طفل شوارع ،ناهيك على أن الظاهرة موجودة فى دول أوربية ولكن بنسبة أقل عن نسبتها فى مصر. فقد تضمن تقرير أصدرته جهه سيادية مصرية قبل ثورة يناير ، معلومات فى منتهى الخطورة عن ظاهرة أطفال الشوارع فى العالم ، منها وجود 100 مليون طفل شوارع على مستوى العالم ، وتوقعات تؤكد أنهم سيصبحون 800 مليون عام 2020 ، وهذه توقعات تبدو منطقية بمنظور الحروب الإقليمية والحروب الأهلية التى تشهدها المنطقة العربية ، والتى تنذر بنشوب حرب عالمية ثالثة. والغريب أن التقرير المصرى لم يشر إلى عدد أطفال الشوارع فى مصر ، وهذا يعنى عدم الاعتراف بوجود المشكلة ، خاصة وأن هذا المصطلح غير موجود فى أدبيات القانون المصرى ، حيث يتم التعامل مع المشكلة بمصطلح أطفال معرضون للإنحراف ، بمعنى أن طفل الشارع ، لايدرج فى أى احصائية إلا عندما يقبض عليه فى جريمة ويودع فى مصلحة الأحداث أو الأيتام. ولمواجهة هذه المشكلة ، يجب التخلى عن ثقافة الصمت أمام المشكلة ، ويجب الاعتراف أولا بوجودها ، حتى يتم التعامل السليم معها ،فهذه الظاهرة نتاج لعوامل عديدة ، أهمها الفقر والجوع والنمو السكانى المتزايد وسوء المعاملة الاسرية والعنف الأسرى ....الخ . وكل هذه الأمور موجودة فى مصر وتشير إلى تفاقم الظاهرة، فضلا عن أن تقارير الأمن العام أشارت إلى هذا التزايد اللافت للنظر فى السنوات الأخيرة. وتكمن المشكلة التى تقلل من أثر أساليب الحل ، فى أن الحكومات ماتزال تعتمد على الحلول التقليدية المتمثلة فى إقامة مراكز لرعاية الأحداث والأيتام متناسين كم العدد الموجود بالشوارع. وأنا من جانبى أرى أن أطفال الشوارع فى مصر ، هى طريقة حياة ، وليست ظاهرة تعرض للانحراف ، فهى ظاهرة اجتماعية واقتصادية وبالتالى يجب على حكومة المهندس شريف إسماعيل أن يهتم بحل هذه المشكلة ، وذلك بتحسين الظروف السكنية والمعيشية للفئات معدومة الدخل فى مصر ، وأيضا بوضع خطط وبرامج لايجاد مشروعات تخلق فرص عمل للمصريين وخاصة للفقراء. وأود أن ألفت انتباه الحكومة المصرية إلى أن حل المشكلة يتطلب تطوير النظم والأساليب التربوية والارتقاء بمستوى برامج الأطفال المقدمة فى التليفزيون ، والأهم أن تطبق عمليا ، وأمر أخر لا يقل أهمية عن سابقه، وهو الوقوف بجانب هؤلاء الأطفال حتى لا يشعرون بالعزلة ودوام استمرار هذه العلاقة حتى نضمن للأ طفال حياة إنسانية كريمة .
إضافة تعليق جديد