بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله كما أمر، والشكر له وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إرغاما لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، السادة الغرر، وسلم تسليما كثيرا ما رأت عين وامتد نظر، أما بعد يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز كما جاء في سورة البقرة " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم " وقوله تعالى " للذين يؤلون " أي معناه يحلفون والمصدر إيلاء، وقرأ ابن عباس "للذين يقسمون" ومعلوم أن يقسمون تفسير يؤلون، وقرئ "للذين آلوا" يقال آلى يؤلي إيلاء، وتألى تأليا وائتلى ائتلاء أي حلف، ومنه قوله تعالى "ولا يأتل أولو الفضل منكم"
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك، ويقصدون بذلك إيذاء المرأة عند المساءة ، فوقت الإسلام لهم أربعة أشهر فمن آلى بأقل من ذلك فليس بإيلاء حكمي، ويلزم الإيلاء كل من يلزمه الطلاق، فالحر والعبد والسكران يلزمه الإيلاء وكذلك السفيه والمولى عليه إذا كان بالغا غير مجنون، وكذلك الخصي إذا لم يكن مجبوبا، والشيخ إذا كان فيه بقية رمق ونشاط وفي قول يصح إيلاؤه فإن الفيء هو الذي يسقط اليمين والفيء بالقول لا يسقطها فإذا بقيت اليمين المانعة من الحنث بقي حكم الإيلاء، وإيلاء الأخرس بما يفهم عنه من كتابة أو إشارة مفهومة لازم له، وكذلك الأعجمي إذا آلى من نسائه، وإختلف العلماء فيما يقع به الإيلاء من اليمين.
فقال قوم لا يقع الإيلاء إلا باليمين بالله تعالى وحده لقوله عليه السلام "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" وبه قال الشافعي في الجديد، وقال ابن عباس رضي الله عنهما كل يمين منعن جماعا فهي إيلاء، وبه قال الشعبي والنخعي ومالك وأهل الحجاز وسفيان الثوري وأهل العراق والشافعي في القول الآخر، وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر والقاضي أبو بكر بن العربي، وقال ابن عبد البر وكل يمين لا يقدر صاحبها على جماع إمرأته من أجلها إلا بأن يحنث فهو بها مول إذا كانت يمينه على أكثر من أربعة أشهر، فكل من حلف بالله أو بصفة من صفاته أو قال أقسم بالله أو أشهد بالله، أو علي عهد الله وكفالته وميثاقه وذمته فإنه يلزمه الإيلاء، فإن قال أقسم لزمه الإيلاء، وقد آلى النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وطلق وسبب إيلائه سؤال نسائه إياه من النفقة ما ليس عنده، كما في صحيح مسلم.
فكن مهذبا في مجلسك، صموتا إلا من خير، طلق الوجه محترما لجلاسك منصتا لحديثهم ولا تقاطع أثناء الكلام، ولا تكن كالذباب لا يقع إلا على الجرح، فإياك والوقوع في أعراض الناس وذكر مثالبهم والفرح بعثراتهم وطلب زلاتهم، فالمؤمن لا يحزن لفوات الدنيا ولا يهتم بها ولا يرهب من كوارثها لأنها زائلة ذاهبة حقيرة فانية، وإهجر العشق والغرام والحب المحرم فإنه عذاب للروح ومرض للقلب وافزع إلى الله وإلى ذكره وطاعته، وإعلم أن إطلاق النظر إلى الحرام يورث هموما وغموما وجراحا في القلب والسعيد من غض بصره وخاف ربه، وإحرص على ترتيب وجبات الطعام وعليك بالمفيد وإجتنب التخمة ولا تنم وأنت شبعان، وقدر أسوأ الإحتمالات عند الخوف من الحوادث، ثم وطن نفسك لتقبل ذلك فسوف تجد الراحة واليسر.
إضافة تعليق جديد