صناعة وعي جديد لشباب مصر

كتب ضاحى عمار
في لحظة فارقة من عمر الوطن، يتقدم الاتحاد الشبابي لدعم مصر بخطوة جديدة على طريق تمكين الأجيال القادمة، معلنًا عن تدشين البرنامج القومي لصناعة الوعي ودعم الشباب في محافظة أسيوط، تحت رعاية وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، وبإشراف ومتابعة مباشرة من المهندس فتحي شومان رئيس الاتحاد. ويأتي هذا التحرك ليؤكد أن بناء الإنسان المصري يظل الهدف الأول قبل أي مشروعات أخرى، وأن الاستثمار في عقول الشباب ومهاراتهم هو الرهان الحقيقي لمستقبل الدولة.
ومن داخل قاعات التدريب، تبدأ ملامح برنامج وطني شامل يضع الهوية والانتماء في الصدارة، حيث يطرح الأستاذ الدكتور شحاتة غريب شلقامي، نائب رئيس جامعة أسيوط الأسبق، رؤيته حول ترسيخ القيم الوطنية بين الأجيال الجديدة، مؤكدًا أن غياب الانتماء يفتح الأبواب أمام الانجراف وراء الأفكار الهدامة والشائعات. ومن هنا تأتي الخطوة الثانية عبر محاضرة الصحفي بالأهرام إسلام رضوان، الذي يضع أسس مواجهة الشائعات وصناعة وعي إعلامي راسخ يعزز مناعة الشباب أمام موجات التضليل التي تملأ الفضاء الرقمي.
ولا يقف البرنامج عند حدود الفكر والإعلام، بل يمتد ليغرس وعيًا أعمق بالهوية الحضارية والبعد الاقتصادي. فالدكتور سمير عبد التواب حميدة، مدير الهيئة العامة لتنشيط السياحة بأسيوط، يؤكد أن حماية الآثار والتراث السياحي ليس مجرد واجب وطني، بل هو ركيزة اقتصادية تعزز مكانة مصر عالميًا. ويرى أن الشباب هم حائط الصد الأول ضد أي محاولات للعبث بالهوية المصرية أو سرقة تاريخها، معتبرًا أن الاستثمار في وعيهم السياحي سيجعلهم سفراء حقيقيين لمصر داخل وخارج البلاد.
ومن بوابة الاقتصاد، تأتي محاضرة الدكتورة دعاء محمد سيد التي تركز على ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة باعتبارها القاطرة الجديدة للتنمية، حيث توضح أن تمكين الشباب اقتصاديًا يفتح لهم أبواب الاستقلالية ويجعلهم شركاء فاعلين في رسم مستقبل الوطن. ثم ينتقل البرنامج إلى البعد السياسي عبر محاضرة الدكتور شوقي الغطريفي، الذي يبرز أهمية المشاركة السياسية الإيجابية، ويرى أن صوت الشباب في صناديق الاقتراع وفي المجالس المحلية هو الضمانة الحقيقية لتحقيق الإصلاح والتنمية المتوازنة.
أما في جانب الرؤية الاستراتيجية، فتقدم الأستاذة نسمات القوصي تصورًا متكاملًا حول التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، مؤكدة أن الشباب هم المحرك الأساسي لتحقيق هذه الرؤية، وأن إشراكهم في صياغة وتنفيذ الخطط المستقبلية يجعل من الدولة نموذجًا عالميًا في استثمار طاقات الأجيال الجديدة. ويأتي بعدها الدور على الأستاذ علاء عمر الفاروق، المدرب المعتمد بوزارة الشباب والرياضة، ليكشف أسرار القيادة وصناعة القرار، موضحًا أن القيادة ليست سلطة بل مسؤولية تتطلب وعيًا ومعرفة وقدرة على التوازن بين المصلحة الفردية والعامة.
ويرى المهندس أحمد عفيفي، نائب رئيس الاتحاد، أن البرنامج يمثل نقلة نوعية في مسيرة العمل الشبابي، حيث يجمع بين محاور الهوية، والاقتصاد، والسياسة، والسياحة، والقيادة، في منظومة واحدة تهدف إلى بناء شخصية متكاملة للشباب المصري. ويؤكد أن الاتحاد يسعى لتكرار التجربة في مختلف المحافظات ليصنع جيلًا قادرًا على مواجهة تحديات الحاضر وصناعة المستقبل.
ومن جانبه يشير الدكتور سمير عبد التواب حميدة إلى أن أسيوط بما تملكه من ثقل حضاري وسياحي ستكون نقطة انطلاق مثالية للبرنامج، معتبرًا أن الاستثمار في وعي شباب الصعيد سيعيد رسم خريطة التنمية في تلك المنطقة التي طالما كانت مخزنًا للطاقات البشرية. ويضيف أن البرنامج سيجعل من الشباب عناصر مؤثرة في حماية التراث وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية.
ومن خلال هذا البرنامج، يتضح أن وزارة الشباب والرياضة لا تتعامل مع الشباب باعتبارهم مجرد متلقين للأنشطة، بل باعتبارهم قادة المستقبل الذين يجب أن يُمنحوا الأدوات والفرص والمسؤولية. فالمتابعة المباشرة من الدكتور أشرف صبحي تعكس إصرار الدولة على جعل قضية الوعي مشروعًا قوميًّا حقيقيًا، لا يقتصر على الندوات والشعارات، بل يمتد إلى ورش العمل والتدريب العملي وصناعة قادة قادرين على اتخاذ القرار.
وبهذا المعنى، يصبح البرنامج القومي لصناعة الوعي ودعم الشباب في أسيوط بداية لسلسلة من المبادرات التي ستضع مصر على طريق جديد من التنمية البشرية والسياسية والاقتصادية، حيث لا تنمية من دون وعي، ولا وعي من دون شباب يمتلكون القدرة على التفكير النقدي، وحماية هويتهم، والمشاركة الفعالة في صياغة مستقبل وطنهم