بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إذا تمكن توقير النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم من قلب المؤمن، أثمر ذلك التوقير أعمالا صالحة تظهر على الجوارح والأركان، فمن ذلك إحترام إسمه صلى الله عليه وسلم عند ذكره، فلا يذكره الذاكر إلا بألفاظ التوقير والإحترام، والصلاة والتسليم، كما قال الله تعالى "لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا" ومن ذلك الحرص على تعلم هديه والتفقه في سنته.
والسعي إلى نشرها بين الخلائق، والتفاني في ذلك، كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله ياليتني عملت فيكم بكتاب الله وعملتم به، فكلما عملت فيكم بسنّة وقع مني عضو، حتى يكون آخر شيء منها خروج نفسي، وقال بعض السلف وددت أن الخلق أطاعوا الله، ولو أن لحمي قرض بالمقاريض، ومن وسائل نشر السنة هو تأليف الكتب النافعة وطباعتها ونشرها بين الناس، وترجمتها إلى اللغات المختلفة، فإن حاجة المسلمين إلى ترجمة السنة حاجة ماسة شديدة، ومع ذلك فإننا نرى قلة من يعتنى بها من الدعاة ومن المحسنين، والله المستعان، ولقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم اليد الطولى في بذل النصح لكل من حوله، إستصلاحا لنفوسهم، وتحذيرا لهم مما يضرهم في دينهم أو دنياهم، وإرشادا لهم بما يناسبهم، وترغيبا لهم بما يقربهم إلى الله عزوجل.
بل إن حياته صلى الله عليه وسلم وأقواله وأفعاله كلها تصب في إطار النصح وإرادة الخير، فما من خير إلا ودل عليه وما من شر إلا وحذر منه، وللنبي صلى الله عليه وسلم طرق متعددة لإيصال النصح إلى الآخرين، فأحيانا كان يقدم نصيحه بقالب من المدح والثناء، أو الحث والتحفيز، لتكون فاعلة مؤثرة، فمن ذلك ما أخبر به عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحفصة رضي الله عنها "نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل" رواه البخاري ومسلم، فأحدثت تلك الكلمات القليلة إنقلابا في حياة ابن عمر رضي الله عنه، فلم يعد يترك قيام الليل إلا قليلا، وثمة مواقف أخرى قام النبي صلى الله عليه وسلم بذكر أقوال تدل على المودة والمحبة، و تبيّن الحرص على إرادة الخير.
وخير مثال على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه " إني لأحبك يا معاذ " ثم أتبعها بقوله " فلا تدع أن تقول في كل صلاة رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " رواه أبو داوود، ومن هذا الباب أيضا حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له "يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على إثنين، ولا تولين مال يتيم " رواه مسلم، فاللهم اجعلنا من المتقين الموفقين، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
إضافة تعليق جديد