
الحمد لله رب العالمين الذي أنزل شريعة الإسلام هدى للناس ورحمة للعالمين، وجعلها لنا صراطا مستقيما يهدي بنا إلى سعادة الدارين، والشكر له أن هدانا إلى الإسلام، وفضلنا على العالمين أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله إمام الخاشعين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبون الطاهرون، الحافظين لحدودك يا ربنا والخاشعين لك، وبعد فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله في أنفسكم، وفي صلواتكم لتفلحوا في دنياكم، ثم أما بعد اعلموا أن الحديث والثناء على مصر هو كمدح الأعرابي وثنائه على القمر، فكان يمشي في الظلام الدامس وفجأة طلع عليه القمر، فأخذ الأعرابي يناشد القمر ويشكره، ويقول يا قمر إن قلت جملك الله فقد جملك، وإن قلت رفعك الله فقد رفعك، فإنها مصر المسلمة التي شكرت ربها.
وسجدت لمولاها، فإنها مصر التي قدمت قلوبها طاعة لربها، وجرت دماؤها بمحبه نبيها عليه الصلاة والسلام، فإن لكي يا مصر في عالم البطولة قصة، وفي دنيا التضحيات مكان، وفي مسار العبقريات كرسي لا ينسى، دخلت مصر في الإسلام طوعا، ودخل الإسلام قلب مصر حبا، وأحب المصريون ربهم تبارك وتعالى فذادوا عن دينه وحموا شرعه ونشروا منهجه قديما وما زالوا، فالحديث عن مصر ومكانتها حبيب إلي النفس لأنني عندما أتكلم عن مصر أتكلم عن نفسي التي تهيم في حبها وتتمني أن تراها في أحسن حال وفي مقدمة الأمم وتكون لها السيادة والريادة كما كانت من قبل، فقيل إن مصر ذكرت في العهدين القديم والجديد ومن ذلك ما روي عن كعب الأحبار قال "مصر بلد معافاة من الفتن من أرادها بسوء كبه الله على وجهه" ولقد ذكر الله تعالى مصر.
في أربعة مواضع في كتابه الكريم، وفي ذلك تشريفا لها وتكريما، وذكرها الله سبحانه إشارة في مواضع عديدة تبلغ قرابة الثلاثين، وقد وصف سبحانه وتعالى أرض مصر أحسن وصف، وقد وصفت مصر في القرآن بأنها خزائن الأرض، وما ذلك إلا لكثرة خيراتها، وعظم غلاتها وجودة أرضها، وخزائن الأرض هنا وزارة مالية مصر والتى تعد خزائن الأرض كما ذكر ربنا فقيمة مصر في ذلك الوقت تعادل الكوكب الأرضي بأسره، ولم يذكر نهر من الأنهار في القرآن سوى النيل، والمفسرون على أن المقصود باليم في الآية الكريمة هو نيل مصر، وقال الكندي لا يعلم بلد في أقطار الأرض أثنى الله تعالى عليه في القرآن بمثل هذا الثناء، ولا وصفه بمثل هذا الوصف، ولا شهد له بالكرم غير مصر، وأقسم بها في القرآن الكريم فهي منزل للأنبياء والأماكن المقدسة.
فمصر مليئة بالأماكن المقدسة ومهبط لكثير من الأنبياء، ففيها سيناء التي ذكرها الله في القرآن أكثر من مرة، وقال تعالى " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين " أي وأنشأنا لكم به شجرة الزيتون التي تخرج حول جبل طور سيناء يعصر منها الزيت فيدهن ويؤتدم به، وواعد الله موسى عليه السلام من جانب الطور الأيمن لإنزال التوراة عليه هناك، ونادى الله موسى عليه السلام من نفس المكان وقربه إليه، وفي هذا تشريف عظيم للطور، بل سمى الله الوادي الذي كلم عليه موسى المقدس طوى، أي إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك الآن بوادي طوى الذي باركته وذلك استعدادا لمناجاة ربه، في مصر الربوة التي أوى إليها عيسى بن مريم وأمه على أحد أربعة أقوال للسلف، فقد قال ابن وهب وابن زيد وابن السائب أن مكان الربوة المذكورة في قوله تعالى.
" وءاويناهما إلي ربوة ذات قرار ومعين " إنها في مصر، وهي أرض التمكين، حيث أن مصر أرض التمكين للمؤمنين المستضعفين في الأرض، والأرض في الآية هي مصر وقد ذكرت في عشر مواضع بإسم الأرض في القرآن كما ذكر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
إضافة تعليق جديد