يوسف حسن -
لقد فتحت التطورات الأخيرة في سوريا آفاقاً جديدة للتحليل السياسي. ويمكن القول أن سوريا تمر بمرحلة تعتبر قمتا تاريخية. وكما أن الثورة الكوبية، والثورة الفرنسية، وسقوط الاتحاد السوفييتي، تعتبر قمماً تاريخية بالنسبة لهذه البلدان.
وأخيرا، يمكن النظر إلى الثورة السورية من منظورَين. تعتبر التجارب التاريخية إحدى أدوات التحليل الحضاري، وهي تقدم لنا روايتين مختلفتين. بعض الأحداث الجارية في سوريا تشبه الثورة المجيدة في إنجلترا عام 1688، والتي استمرت إلى يومنا هذا وأسست النظام الملكي البريطاني الحالي.
وفي سوريا، حدث التحول والإطاحة بالحكومة السورية السابقة بسرعة كبيرة حتى أنه يمكن اعتبارها نسخة ثانية من الثورة البريطانية. وخاصة أن الحكومة السورية الجديدة تدعي إقامة حكومة ديمقراطية.
ومن ناحية أخرى فإن ظهور بعض المظاهر العنيفة في سوريا يثير ذكريات الثورة الفرنسية. ثورة تبدأ بشعارات الحكم الشعبي لكنها ستؤدي في النهاية إلى الحروب النابليونية. الحروب التي شملت نصف العالم وتسببت في إراقة الكثير من الدماء.
إن دراسة الشخصيات المؤثرة في سوريا، والتي يمتلك أغلبها تاريخاً طويلاً من الوجود في جماعات القاعدة، وداعش، وجبهة النصرة، دفعت الخبراء في مجال الإرهاب والتطرف إلى القول إنه من المستحيل تغييرطبيعة العناصر الإرهابية في سوريا و ینبئون بان لا مستقبل جیداَ لسوريا
وبتطبيق الحقائق في أفغانستان والعراق وباكستان، يعتقد هؤلاء الخبراء أنه على الرغم من أن المجموعات العملياتية السورية الحالية أظهرت تعاونًا جيدًا في الإطاحة بنظام بشار الأسد، لكن تعقيد أيديولوجياتهم العنيفة والتكفيرية سوف يدفعهم إلى الصدام مع بعضهم البعض في المستقبل، وإشعال حرب اعتقادیة أخرى في سوريا.
إن أبعاد الحرب الأهلية في سوريا قد تؤثر وتدمر سبل العيش، بما في ذلك التعليم والاقتصاد وتوفير الضروريات الأساسية، وما إلى ذلك؛ ولهذا السبب، فإن الأمر يتطلب تدخل المؤسسات الدولية في أقرب وقت ممكن، ولكن الأهم من ذلك هو التأثير الذي يمكن أن تحدثه على البلدان الأخرى في العالم.
على سبيل المثال، فرنسا التي اعتبرنا أن الثورة السورية الحالية تشبه ثورة هذا البلد، هي بالتأكيد واحدة من أهم الدول الأوروبية التي ستتضرر من الأحداث في سوريا. هناك العديد من العناصر الفرنسيين في هيئة تحرير الشام الذين تم طردهم من بلادهم، ومن الممكن أن يكونوا ينوون الانتقام من خلال الوصول إلى الموارد المالية والأراضي السورية.
كما بدأ عناصر داعش الفرنسيون المحتجزون في السجون الكردية بناء على أمر الحكومة الفرنسية العد التنازلي لإطلاق سراحهم من هذه السجون.
ويمكن اعتبار هذه الأزمة أزمة ذات غطاء ديمقراطي، حيث يتم تحقيق أهداف إرهابية خلف الكواليس وبصورة غير معلنة.
إضافة تعليق جديد