بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 15 أغسطس 2024
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد إن التقوى هي وصية الرسل الكرام، والتقوى وصية السلف الصالح رضوان الله عليهم كان أبو بكر رضي الله عنه يقول في خطبته أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله، ولما حضرته الوفاة، وعهد إلى عمر رضي الله عنه دعاه فوصاه بوصيته قائلا "اتقي الله يا عمر" وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله، أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله عز وجل فإنه من اتقاه وقاه، واجعل التقوى نصب عينيك وجلاء قلبك، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل.
ولما ولي خطب فحمد الله وأثنى عليه وقال أوصيكم بتقوى الله عز وجل فإن تقوى الله خلف من كل سعي، وليس من تقوى الله خلف، وقال رجل لرجل أوصني، قال أوصيك بتقوى الله، والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فيكفي المتقون شرفا ان الله معهم برعايته وحفظه، ومن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل "اتقي الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" رواه الترمذي، ولكن ما ذا نفهم من وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه بالتقوى مع أن معاذ بهذه المنزلة؟ وهو أن المرء محتاج للتقوى ولو كان أعلم العلماء، وأتقى الأتقياء، يحتاج إلى التقوى لأن الإنسان تمر به حالات، ويضعف في حالات، يحتاج إلى التقوى للثبات عليها ويحتاج إلى التقوى للازدياد منها.
فاتقي الله حيثما كنت، في السر والعلانية، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، ولكن لماذا بدأ بالسيئة؟ لأنها هي المقصودة الآن، عند التكفير فالإهتمام يكون بالسيئة، لا لفضلها ولكن لأنها المشكلة التي ينبغي حلّها، وخالق الناس بخلق حسن، حيث هناك أشياء بين العبد وخالقه وبينه والناس، هذه وصية جامعة، والكيّس لا يزال يأتي من الحسنات بما يمحو به السيئات، وليس المقصود الآن هو فعل الحسنات وإنما كيف تكفر السيئة، لذلك بدأ فيها، وإلا فقد دلّ على حسنات كثيرة في أحاديث أخرى ولم يذكر السيئة فيها لأن المقصود تعليم الناس الحسنات، لكن هنا المقصود تعليم الناس كيفية تكفير السيئة، والتقوى هي أجمل لباس يتزين به العبد، وأصل التقوى هو أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه فتقوى العبد لربه.
أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك وهي فعل طاعته واجتناب معاصيه وإمتثال أوامره وإجتناب نواهيه من فعل الواجبات وترك المحرمات والشبهات، فقال بعض السلف التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله، وقال عبد الله بن مسعود في قوله تعالى " اتفوا الله حق تقاته" هي أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر، ويدخل في الشكر فعل جميع الطاعات، ومعنى ذكره فلا ينسى ذكر العبد بقلبه لأوامر الله في حركاته، وسكناته فيمتثلها ولنواهيه في ذلك كله فيجتنبها والتقوى وصية الله لجميع خلقه الأولين والآخرين، وهي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا لحديث رواه مسلم ولما خطب صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في يوم النحر أوصى الناس بتقوى الله وبالسمع والطاعة لأئمتهم، وفي حديث أبي ذر قال قلت يا رسول الله أوصني قال "أوصيك بتقوى الله فإنها رأس الأمر كله" وقال صلى الله عليه وسلم "اتق الله حيثما كنت" يعني في السر والعلانية حيث يراك الناس وحيث لا يرونك في أي مكان وزمان.
إضافة تعليق جديد