رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 4:10 م توقيت القاهرة

الهجوم البري يبتلع غزة

كتب ضاحى عمار 
بدأت إسرائيل منذ ساعات تنفيذ الهجوم البري الأوسع على مدينة غزة، فى عملية عسكرية وصفتها وسائل الإعلام العبرية بـ الحاسمة، بينما أعلن الجيش الإسرائيلى رسميًا أنها تهدف إلى السيطرة الكاملة على غزة سيتي، حيث ما زال يقيم ما يقرب من مليون فلسطينى محاصر داخل المدينة بعد شهور من القصف الجوى والمدفعى الذى دمّر أحياء كاملة وحوّلها إلى أنقاض.
المشهد فى شوارع غزة اليوم يختصر مأساة إنسانية غير مسبوقة؛ دبابات تجتاح الطرقات، انفجارات متتالية تهز الأحياء السكنية، غارات جوية لا تهدأ، ومبانٍ تنهار فوق سكانها. وبينما تحاول سيارات الإسعاف شق طريقها وسط الركام، يقف الأطباء عاجزين أمام موجات متتالية من الجرحى فى مستشفيات فقدت طاقتها الاستيعابية مع انقطاع الكهرباء ونقص الأدوية والمعدات.
دعم أمريكى كامل
وفى الوقت الذى تتصاعد فيه ألسنة اللهب من قلب المدينة، جاء الموقف الأمريكى ليثير صدمة إضافية. فبحسب موقع أكسيوس وتأكيدات إعلامية غربية، أبلغ وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو دعم إدارة ترامب المطلق للهجوم، بل وشدد فقط على ضرورة إنهائه بسرعة، دون طلب تأجيل أو إلغاء. هذا الموقف يعنى ببساطة أن واشنطن اختارت أن تكون طرفًا مباشرًا فى المعركة، مانحة الضوء الأخضر لآلة الحرب، ومؤمنة الغطاء السياسى واللوجستى.
خطة طويلة المدى
فى المقابل، خرجت القناة 12 الإسرائيلية بتقديرات صادمة، إذ أشارت إلى أن المجلس الوزارى المصغر يتوقع استمرار العملية حتى نهاية العام، فى إشارة واضحة إلى أن الأمر لا يتعلق بضربة سريعة، بل بخطة احتلال طويلة المدى تهدف إلى هدم ما تبقى من غزة ودفع مئات الآلاف من سكانها نحو الحدود المصرية.
قمة عربية بلا تأثير
اللافت أن كل ذلك جاء بعد ساعات قليلة من انتهاء القمة العربية، التى لم تُسفر عن أى قرارات مؤثرة. الأمر بدا وكأن الاحتلال يتعمد أن يبعث برسالة تحدٍ للعرب: افعلوا ما شئتم، لن نلتفت. هذا الصمت الرسمى العربى زاد من غضب الشارع، وأشعل تساؤلات حول جدوى الاجتماعات والبيانات إن لم تنعكس على الأرض بخطوات عملية توقف نزيف الدم.
أرقام مرعبة
الأرقام القادمة من غزة تحمل فظائع لا يصدقها عقل. تقارير المنظمات الإنسانية تتحدث عن آلاف الشهداء والجرحى خلال الساعات الأخيرة فقط، معظمهم من النساء والأطفال. عمليات النزوح الداخلى تضاعفت، حيث فرّ ما يقرب من 300 ألف مواطن من غزة سيتي باتجاه الجنوب بحثًا عن مأوى، لكن ما يُسمى المناطق الإنسانية" تفتقد لأبسط مقومات الحياة، من مياه نظيفة إلى طعام أو علاج.
تحذيرات أممية
أما الأمم المتحدة فقد عبّرت عن قلق بالغ، إذ أكدت المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان أن إسرائيل تسعى لتحويل غزة إلى مدينة غير قابلة للعيش، فى إشارة إلى سياسة التهجير القسرى والتدمير المنهجى للبنية التحتية. هذه التصريحات، التى حملت اتهامات واضحة بالتطهير العرقى، قوبلت بإنكار إسرائيلى، بينما الواقع على الأرض يثبت العكس: أحياء مدمرة، مدارس ومساجد تحولت إلى أنقاض، ومخيمات مكتظة تفتقد حتى لمياه الشرب.
ازدواجية خطاب
على الجانب الآخر، لم يتوقف الرئيس الأمريكى  دونالد ترامب عن صب الزيت على النار، إذ وصف تقارير تتهم حماس باستخدام الرهائن كدروع بشرية بأنها فظاعة إنسانية لم ير العالم مثلها من قبل متجاهلًا سقوط عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال العدوان نفسه. ازدواجية الخطاب الأمريكى بين الحديث عن الإنسانية ودعم الحرب بالسلاح والمال ستبقى علامة سوداء فى تاريخ السياسة الدولية.
صدام بلا أفق
الوضع إذن دخل مرحلة جديدة؛ فالمفاوضات توقفت نهائيًا، وإسرائيل اختارت خيار الحرب الشاملة، بينما واشنطن اختارت أن تكون شريكًا معلنًا فى هذه المأساة. ويبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: كيف سيتحرك العرب والمسلمون؟ وكم من الأرواح البريئة يجب أن تُزهق قبل أن يستيقظ المجتمع الدولى من صمته

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 10 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.