بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أنشأ الكون من عدم وعلى العرش استوى، أرسل الرسل وأنزل الكتب تبيانا لطريق النجاة والهدى، أحمده جل شأنه وأشكره على نعم لا حصر لها ولا منتهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يرتجى، ولا ند له يبتغى، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج واقتفى، ثم اما بعد، ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن غزوة بدر الكبري، ولقد كانت هناك معجزات بعد انتهاء هذه المعركة، وهو سماع المشركين كلام النبى صلى اللهُ عليه وسلم وخطابه، وهم أموات فى القليب، فقد كانت غزوة بدر آية من الآيات الدالة على قدرة رب الأرض والسماوات آية فى إحقاق الحق وإبطال الباطل وآية قابت موازين البشر التي تقول أن الغلبة للقوة والغلبة للعدة.
آية فى التضحية والفداء، آية فى الولاء والبراء، آية فى الوفاء ، آية فى الطاعة والانقياد، وإن من الدروس المستفاده من الغزوة أن حقيقة النصر من الله تعالى، وأن النصر ليس إلا من عند الله تلك الحقيقة التي سطرها الله تعالى في تلك الغزوة، فالله تعالى هو الناصر والنصير وهو ذو القوة والجبروت، وأن النصر لا يكون إلا من عند الله عز وجل، والمعنى هو ليس النصر إلا من عند الله دون غيره، والعزيز، أى بمعنى ذو العزة التي لا ترام والحكيم، أى بمعنى الحكيم فيما شرعه من قتال الكفار مع القدرة على دمارهم وإهلاكهم بحوله وقوته سبحانه وتعالى، ويستفاد أن تعليم المؤمنين هو الاعتماد على الله وحده، وتفويض أمورهم إليه مع التأكيد على أن النصر إنما هو من عند الله وحده، وليس من الملائكة أو غيرهم، فالأسباب يجب أن يأخذ بها المسلمون، لكن يجب أن لا يغتروا بها.
وأن يكون اعتمادهم على خالق الأسباب حتى يمدهم الله بنصره وتوفيقه، ثم بين سبحانه مظاهر فضله على المؤمنين، وأن النصر الذى كان في بدر، وقتلهم المشركين، ورمى النبي صلى الله عليه وسلم المشركين بالتراب يوم بدر إنما كان في الحقيقة بتوفيق الله أولا وبفضله ومعونته، ومن الدروس هو الولاء والبراء من فقه الإيمان، فكانت هذه هى غزوة الولاء والبراء فقد تجلت تلك الحقيقة على ارض الواقع فى ميدان المعركة فقد التقى الإباء مع الأبناء والإخوة مع الإخوة والأبناء مع أعمامهم وأخوالهم فلم يمنعهم ذلك من إحقاق الحق ونصرة الدين فالوشيجة ليست وشيجة العرق ولا الدم ولا اللون ولا اللغة ولا الوطن وإنما الوشيجة هي وشيجة الإيمان بالله تعالى، فقد رسمت غزوة بدر لأجيال الأمة صورا مشرقة فى الولاء والبراء، وجعلت خطا فاصلا بين الحق والباطل.
فكانت الفرقان النفسى والمادى والمفاصلة التامة بين الإسلام والكفر، وفيها تجسدت هذه المعانى، فعاشها الصحابة واقعا ماديا، وحقيقة نفسية، وفيها تهاوت القيم الجاهلية، فكان أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة في صف المسلمين، وكان أبوه عتبة وأخوه الوليد وعمه شيبة في صف المشركين، وقد قتلوا جميعا فى المبارزة الأولى، وكان أبو بكر الصديق في صف المسلمين، وكان ابنه عبد الرحمن فى صف المشركين، وكان مصعب بن عمير حامل لواء المسلمين، وكان أخوه أبو عزيز بن عمير في صف المشركين، ثم وقع أسيرا في يد أحد الأنصار، فقال مصعب للأنصارى شد يدك به فإن أمه ذات متاع، فقال أبو عزيز يا أخي هذه وصيتك بي؟ فقال مصعب إنه أخى دونك، تلك كانت حقائق وليس مجرد كلمات إنه أخى دونك إنها القيم المطروحة لتقوم الإنسانية على أساسها، فإذا العقيدة هى آصرة النسب والقرابة وهى الرباط الاجتماعي.
إضافة تعليق جديد