بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى صحابته الغر الميامين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، ثم أما بعد إن من الأسباب التي دعت لوجود تلك العواطف والعلاقات الإنسانية في حياتنا هو الغناء، فالكلمة البذيئة والآلة السمعية دعاية إلى الزنا ولخلق مثل هذه العواطف المنحرفة، فكل غناء اليوم هو إشتياق وتلهف إلى لقاء المحبوب، وكلها كلمات يأنف من سماعها أهل الكرم والمروءة والمودة ونقاء السريرة، وما ينقل إلينا عبر وسائل الإعلام المختلفة هو الإعلام الماجن الساقط المعادي لأمة الإسلام ولا شك أنهم بذلك يهدفون إلى الإفساد، يقولون أنه لابد أن يكون لك علاقة جميلة، فالحب هو الحياة، ولا حياة بدون الحب هكذا زرعوا في عقل الشاب المسلم، فوسائل الإعلام تمارس دورا مهما في تغذية عقل الشاب بهذه الأفكار.
فنحن نرى أنه لا يكاد يخلو مسلسل ولا فيلم من هذه الفكرة ومن وجود قصة حب مصطنعة فهي تبث القصص والحكايات عن العشاق والمعجبين وتزين ذلك في عيون الناس وأن الحب والعشق أصبح من ضروريات الحياة وتمجد الشواذ، وقد تعمل لهم مقابلات وندوات تبين طبيعة الأمر كذلك القصص والروايات التي تباع في كل مكان وغالبها روايات وقصص تتعلق بالغرام والعشق، حتى في برامج الأطفال، فوصلوا بها إلى حد الحب وكذلك برامج الحيوانات، فكثير من أفلام الحيوانات التي تقدم إلى الأطفال لابد من وجود قصص الحب هذه في مشاهدها وحتى وصل بهم الحد أن قالوا "هل من الممكن أن نكتب رواية بدون أن يكون فيها حب ؟" فيتأثر الشباب بما يعرض لهم سواء في مجلات أو قنوات أو غيرها ولا شك إن كثرة الضغط على هذه الأمور.
تجعل الإنسان يسعى لتطبيقها، وكما أن من الأسباب التي دعت لوجود تلك العواطف والعلاقات الإنسانية في حياتنا هو إنحراف المقاصد والنيّات، فقد يكون القصد بداية نبيلة والغاية عالية وبعد فترة تنحرف هذه الغاية وهذا القصد إلى أمور ومقاصد أخرى، فقد يكون القصد الأخوة في الله وبعد ذلك تتحول إلى قصد آخر فنلاحظ أنه مثلا لا يريده أن يتحدث مع غيره، ولا يمزح مع غيره ولا ينظر إلى غيره ولا يهتم بأحد سواه، وقد يصل الأمر أنه عندما يرى منه جفاءا في يوم من الأيام أو عدم إهتمام أو تصرف لا يعجبه يؤدي ذلك إلى نقص في الأخوة وخلل فيها ولتعلم أخي أنها ليست أخوة حقة، فالأخوة من أسمى الدرجات فلا تنزلها لأقلها ولتعلم أيضا أن العلماء أجمعوا على ضابط الأخوة الحقة وهو أن الحب في الله لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء.
ومن المقاصد النبيلة الدعوة إلى الله تعالي لكن قد يصحبها أخطاء كثيرة فنرى مثلا أن الداعي المعجب يجلس مع المدعو لأوقات طويلة جدا وكل هذا الوقت للأسف يذهب في الأحاديث الغير مفيدة والسؤال عن الأحوال وقليلا ما يخرج منها كلمة دعوة أو توجيه أو نصح بل نجد أن غالب الكلام مجاملات، والدعوة ليست شمّاعة نلقي عليها أخطاءنا، ولكن الدعوة لا تتطلب طول الجلوس ومجاملات بقدر ما تحتاج إلى الإخلاص لله تعالى لنيل رضاه ومن الملاحظ أن الدعوة التي حدث فيها أخطاء من طول الجلوس بغير فائدة ومجاملات لم ينتج عنها إلا القليل القليل، ومن ناحية أخرى نجد أن الداعي يتنازل عن أشياء كثيرة مثل الخروج من المحاضرات لأجله وبعض الحركات الغير لائقة ولا بأس بها من وجهة نظره.
فنحن لا ننكر أن الدعوة لابد أن يكون بها اللين والرفق والسهولة ولكن لا يعني ذلك التنازل والخور، فهل نتجه إلى المفضول وندع الفاضل ؟ وكما يجب علينا إحترام الأستاذ وتقدير المربي، فلاشك أن الأستاذ والمربي قدوة لكن لا يعني ذلك التعلق المذموم به بحيث تكثر التفكير فيه والإهتمام به ومراقبته بكل وقت وخلق المناسبات لمقابلته، نعم الإحترام والتقدير مطلوب ولكن المفروض أن لا يتعدى حدوده.
إضافة تعليق جديد