رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 11 فبراير 2025 4:00 م توقيت القاهرة

العجل العجل قبل فوات الأجل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى أثره، وسلم تسليما كثيرا أما بعد فإتقوا الله تعالى وأطيعوه وراقبوه فلا تعصوه، وأخلصوا له في أعمالكم وفرغوا له قلوبكم وأقيموا ما افترض عليكم، فإن أمامكم عزلة ووحشة، وشدة وكربة، وقبرا ضيقا مظلما، لا يوسع ولا يضاء إلا بالعمل الصالح، فأعدوا له عدته، وخذوا له أهبته فهو منزلكم إلى يوم القيامة، واعلموا يرحمكم الله إن في حرص رسول الله عليه الصلاة والسلام على الإكثار من الصيام في شهر شعبان لدرسا عمليا لكل مسلم، مفاده أن يحرص على البدء بالخير مبكرا، وأن يسارع إليه متقدما، وأن يحذر التسويف والتأجيل، ولا يعتاد التباطؤ والتأخير، وليس ذلك خاصا بالصيام فحسب. 

 

ولكن لأنه أخص أعمال رمضان، كان هو المذكور والمنصوص عليه من فعل الحبيب عليه الصلاة والسلام، وإلا فإن في رمضان أعمالا صالحة كثيرة، وفرصا للخير عظيمة، من صيام وقيام، وتلاوة ودعاء، وصدقة وتفطير وإطعام، وإذا كان تجار الدنيا يبادرون بالتأهب قبل كل موسم بما يناسبه، ويتجهزون مع دخوله بالبضاعة اللائقة للتكسب وطلب الربح، فكذلك ينبغي أن يكون تجار الآخرة، بل يجب عليهم ألا يتكاسلوا، ويقتل التسويف عزائمهم، ويميت هممهم، وما أحب أحدهم أن يأتيه في رمضان من عمل صالح، وما نوى التقرب به إلى ربه في ذلك الشهر العظيم، فليبدأ بالتجهز له من الآن، فإن أحدنا لا يدري هل يبلغ رمضان أم لا يبلغه، ولأن يقبض الله تعالي روح المؤمن وهو يترقب موسم الخير بكل شوق وصدق، متجهزا له تجهز الصادقين. 

 

آخذا له عدته كفعل العاملين خير من أن يؤخذ على غرة، وتفلت نفسه وهو في غفلة، وكم من نية للخير صادقة، بلغت صاحبها منازل أهل الخير، وإن هو لم يعمله لعذر أو مانع، وإن شهر شعبان هو شهر السقي وهذه مقولة هامة لأحد سلفنا الصالح وهو أبو بكر البلخي رحمه الله حيث قال رجب شهر الزرع وشعبان شهر السقي للزرع ورمضان شهر حصاد الزرع، وكيف لمن لم يزرع ولم يسقي زرعه أن يحصد وأن ينتج كمن زرع وسقى وإنشغل وإهتم فلن يستوي هذا وذاك، لا يستوي من جاهد نفسه وعلت همته وقويت إرادته، ومن بلغت به الدنيا مبلغ التيه والضياع، ومن بذل وسعه في الحصول على الخير وإغتنام الوقت يسر الله تعالي له ذالكم الأجر ومن أراد طاعة الله وفقه الله لذلك، والذين جاهدوا فينا أي اجتهد في الوصول إلى الحق، يسر الله له الحق. 

 

فالعجل العجل قبل فوات الأجل، من الأن أين هي النية الصالحة؟ فأين هو وردك في القرآن؟ وأين هي العزيمة والأصرار على المنافسة؟ وأين هو الشوق إلى رمضان بالدعاء؟ وماذا نحب أن يرفع لنا من أعمال في هذا الشهر المبارك؟ اللهم بلغنا رمضان برضوانك والعتق من نيرانك، فلقد جعل الله الحياة ميدان سباق فمن حاز قصب السبق حاز رضوان الله تعالي ومن حاز رضوان الله عز وجل، فقد فاز بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، نعم فإنه سباق شريف نزيه غايته نبيلة ومراده طيب وهو رضوان الله تبارك وتعالى وما أكرم من ذلك؟ اللهم أنزل علينا رضوانك يا رب.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.