اليوم : الخميس الموافق 7 نوفمبر 2024
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله بعثه بالهدى، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجعلنا على المحجة البيضاء، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأصفياء، وأصحابه الأتقياء، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، أما بعد فإن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد يا أيها المسلمون أذكركم وأذكر نفسي بنعمة جليلة ومنة كبيرة.
فهي مطلب كل أمة وغاية كل دولة من أجلها جندت الجنود، ورصدت الأموال، وفي سبيلها قامت الصراعات والحروب، إنها نعمة الأمن وما أدراك ما نعمة الأمن، فهي هبة من الله تعالي لعباده، ونعمة يغبط عليها كل من وهبها، فإنها كانت أول دعوة إبراهيم عليه السلام حينما قال" رب اجعل هذا البلد آمنا " فقدم الخليل إبراهيم عليه السلام نعمة الأمن على نعمة الطعام والغذاء لعظيمها وخطر زوالها ووالله إن أشهى المأكولات وأطيب الثمرات لا تطيب مع ذهاب الأمن ونزول الخوف والهلع وإن كل حلو دقته لم أجد أحلى من العافية، وإن نعمة الأمن مع العافية و الرزق هي الملك الحقيقي للدنيا فعن عبيد الله بن المحصن الأنصاري رضي الله عنه.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " رواه الترمذي، وجاءت الشريعة الإسلامية لتحافظ على الضروريات الخمس بكافة جوانبها في ظل الأمن والأمان للدين وللنفس وللعرض وللمال وهو ما جاءت جميع الشرائع والأديان لحفظها، ولعل الإسلام عندما إهتم بالأمن و دعا للمحافظة عليه بجميع أشكاله وصوره من أمن روحي وفكري وغذائي وعلمي وسلم اجتماعي، كيف لا والأمن والإيمان قرينان، فلا يتحقق الأمن إلا به قال عز وجل "الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم يظلم أولائك لهم الأمن وهم مهتدون " والأمن مربوط بعبادة الله تعالى.
فقال عز وجل " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف " كما أن الأمن والمعصية لا يجتمعان فإذا تخلى أفراد المجتمع حكاما ومحكومين عن دينهم، وفرطوا في تحمل مسؤولياتهم وأداء أماناتهم وكفروا نعمة ربهم أحاطت بهم المخاوف، وإنتشرت بينهم في الجرائم وإنهدم جدار الأمن، وأضلتهم ضلال الخوف والجوع، وهذه سنة الله لا تتخلف في خلقه قال تعالى " وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون " ولن يتحقق الأمن إلا بعودة الثقة بين أفراد الأمة الواحدة وذلك بإشاعة العدل، ورفع الظلم.
وإعطاء كل ذي حق حقه، وإصلاح ما أفسد الناس، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام " طوبى للغرباء" قيل من هم يا رسول الله؟ قال "الذين يصلحون ما أفسد الناس" والإصلاح في الأرض مهمة الأنبياء والصالحين قال عزوجل على لسان سيدنا شعيب عليه السلام " إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب "
إضافة تعليق جديد