بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، ثم اما بعد، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إن الذي يفتي الناس في كل ما يستفتي لمجنون، وقال الشعبي "لا أدري نصف العلم" رواهما الدارمي، وتظهر خطورة القول في الدين بغيرعلم إذا علمت أنك في الحقيقة لا تخبر عن رأيك وإنما تخبر عن حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فكأنك تقول لمن سألك هذا هو حكم الشرع في ذلك قال تعالى "ولا تقف ما ليس لك به علم" وقال تعالى في سوره الاعراف "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون"
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح أسوة حسنة، فقد كانوا إذا سئلوا عما لا يعلمون قالوا لاندري أو لانعلم، أو الله أعلم، وإليك مثالا واحدا على ذلك فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي البلاد شر؟ قال لاأدري حتى أسأل، فسال جبريل عليه السلام عن ذلك، فقال لاأدري حتى أسال ربي، فانطلق فلبث ما شاء الله، ثم جاء فقال إني سألت ربي عن ذلك فقال شر البلاد الأسواق" وإن من بدهيات الدين الإسلامي أن الله سبحانه وتعالى هو واحد أحد، فرد صمد لم يلد ولم يولد فسبحانه وتعالي أول بلا إبتداء وآخر بلا انتهاء وهو القوي العزيز الجبار الكبير المتعال الذي لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء، له صفات الكمال والجلال "ليس كمثله شئ وهو السميع البصير" غير أن الذين كفروا بالله لم يقدروا الله حق قدره.
فكان من أقبح كفرهم الإستهزاء بالله سبحانه وتعالى والسخرية به نعوذ بالله من ذلك ومن صور الإستهزاء بالله تعالي هو مايقوله الماديون الملحدون أنه لا إله والكون مادة والطبيعة تخبط خبط عشواء ولا حدّ لقدرتها على الخلق، ويمثل هذه الصورة كل شيوعي ماركسي مادي ولو نطق بالعربية الفصحى، فإن غاية التعليم هو فهم للإسلام فهما صحيحا متكاملا، وغرس للعقيدة الإسلامية ونشرها، وتزويد للتلميذ بالقيم والتعاليم الإسلامية والمثل العليا، وإكساب له بالمعارف والمهارات العلمية والأدبية المختلفة، وتنمية للاتجاهات السلوكية البناءة، وتطوير للمجتمع اقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا وتهيئة للفرد ليكون عضوا نافعا في بناء مجتمعه، إذن التعليم تربية والتربية تعليم أو يمكن أن نقول بأن كل واحد منهما مكمل للآخر.
وعلي كل أستاذ أو معلم يؤمن بالله واليوم الآخر ويؤمن بأنه لا معنى لتعليم بدون تربية، وبأنه يعبد الله ويطيعه من خلال التربية والتعليم كما يعبده سبحانه وتعالى بالصلاة والصيام، أن يعلم أنه هناك فرق كبير بين أستاذ يتعامل مع التلميذ على اعتبار أنه من أهله، أي كأنه أخ أو أخت أو بن أو بنت قبل أن يفكر في الأجر الدنيوي على تدريسه، وفرق بين هذا وبين أستاذ يتجه إلى التعليم فقط على إعتبار أنه مصدر رزق ليس إلا، أي أن المهم عنده أن يقبض الأجر على عمله في نهاية الشهر ولا يهمه بعد ذلك أن يفهم التلميذ أم لا، أو أن يتعلم التلميذ أم لا، أو أن يستقيم التلميذ في سلوكه أم لا، وإن الفرق بين هذا وذاك كالفرق بين النائحة التي تقبض الأجر من أجل أن تتباكى على الميت والثكلى التي فقدت بالفعل واحدا من أهلها وهي تبكي حزنا عليه.
إضافة تعليق جديد