بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضاه، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها النجاة يوم نلقاه، يوم يبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور، وأَشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد روي عن أبى قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال فقام رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك" رواه مسلم، وقد أفاد الحديث أن جبريل عليه السلام نزل خاصة ليخبر النبي الله صلى الله عليه وسلم أن الدين لا يغفر للشهيد، لأنه حق لآدمى، لم يتنازل عنه، فإن ترك الشهيد ما يقضي منه دينه، أو أوصى بأن يقضى عنه، كما أوصى عبد الله ابنه جابرا، حين خرج في غزوة أحد، أو قضاه عنه أحد أقاربه، أو بعض المسلمين، فإن الله يغفر له، ولا يعاقب عليه، أما الدين إذا أخذه المرء في حق واجب، لفاقة أو عسر، ثم مات، ولم يترك له وفاء، فإن الله تعالى لا يحجبه عن الجنة برحمته تعالى، شهيدا كان أو غيره، لأن على الحاكم فرضا أن يؤدى عنه في هذه الحالة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه ومن ترك مالا فلورثته" رواه البخاري.
فإن لم يؤد عنه السلطان، فإن الله تعالى يقضى عنه، ويرضى خصمه، وأما من استدان في سفه، أو سرف، فمات ولم يوفه أو ترك له وفاء، ولم يوص به، أو قدر على الأداء فلم يوفه، فهذا الذي يحبس به صاحبه عن الجنة، حتى يقع القصاص بالحسنات والسيئات ممن استدان، وقد اتفق العلماء على أن الشهداء ثلاثة أقسام، وهم شهيد الدنيا والآخرة، فهو الشهيد الكامل الشهادة، وهو أرفع الشهداء منزلة عند الله عز وجل، وأفضلهم مقاما في الجنة، وهو المسلم المكلف الطاهر، الذي قتل في المعركة مخلصا لله النية، مقبلا غير مدبر، سواء قتله أهل الحرب أو البغي أو قطاع الطريق، أو وجد في المعركة وبه أثر القتل، أو قتله مسلم أو ذمي ظلما بآلة جارحة ولم تجب بقتله دية وكان موته فور الإصابة، أو وجد قتيلا عند انكشاف الحرب ولم يعلم سبب موته.
سواء أكان عليه أثر دم أم لا، وسواء مات في الحال، أو بقي زمنا ثم مات بعد ذلك، وسواء كان أكل أو شرب ووصى أم لا، وسواء أكان رجلا أو امرأة بالغا أو غير بالغ، وشهيد المعركة هو المسلم الذي وقع قتيلا بين الأعداء في أثناء المعركة ومات فور إصابته، ولا فرق بين أن يكون قتله بقذيفة مدفع، أو صاروخ، أو رصاصة بندقية أو مسدس، أو قنبلة طائرة أو لغم في أرض أو سيف أو رمح أو سكين أو عصا أو دبابة تسير على جسده، أو بأى وسيلة أخرى مباشرة أو غير مباشرة في القتل، ولو كان المقاتل يركب سيارة أو دبابة أو طائرة، في أثناء المعركة، وهو قائم بعمل يتصل بالمعركة، وتدهورت السيارة أو الدبابة أو هوت الطائرة سواء كان ذلك بفعل العدو أو غير فعله، فقتل، فهو شهيد معركة، كذلك والأصل في ذلك شهداء غزوة أحد إذ لم يقتلوا كلهم بالسيف والسلاح بل منهم من دمغ رأسه بحجر.
ومنهم من قتل بالعصا، ومع ذلك فقد عمهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بترك الغسل، ولو قاتل العدو المقاتلين حتى ألقاهم في بحر أو نهر أو بركة فماتوا أو مات بعضهم فهم شهداء معركة، ومن قتله المسلمون في المعركة خطأ، أو قتل نفسه في المعركة بيده خطأ، كأن رمى قنبلة على الأعداء فأصابته وقتلته فهو شهيد معركة، وإذا جرح أحد المقاتلين في المعركة وحمل حيا من ساحتها، ولم يعش عيشة مستقرة بعدها، كأن يبقى فاقد الوعي ثم مات، وهو على هذه الحال، فهو شهيد معركة، وإذا أغار العدو على جماعة من المسلمين سواء أكانوا عسكريين أم مدنيين، وسواء كانوا في معركة أو في مدينة أو في قرية أو في مضارب البدو فقتل منهم أناسا، فإن كل قتيل منهم شهيد، له حكم شهيد معركة.
إضافة تعليق جديد