اليوم : الجمعة الموافق 29 نوفمبر 2024
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد لقد ذكر الله سبحانه وتعالى لفظ الأرض في كتابه القرآن الكريم أكثر من ربعمائة مرة، فبيّن لنا سبحانه وتعالى أنه خلقها وفطرها سبحانه، وأحياها ومدّها، ودحاها وشقّها وفرشها، وجعلها مستقرا وبساطا، وقرارا وكفاتا، ومهادا وذلولا، وأنه سبحانه وتعالى يملكها ويورثها من يشاء من خلقه، ومن عباده الصالحين، وفي خمس آيات منها فقط نسبت إلى الله سبحانه وتعالى بالإضافة، ويقول الله العليم الخبير سبحانه كما جاء في سورة النساء " قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها " ويقول سبحانه وتعالي كما جاء في سورة الزمر " وأرض الله واسعة " وعن ناقة صالح عليه الصلاة والسلام قال الله سبحانه وتعالى.
كما جاء في سورة الأعراف " فذروها تأكل في أرض الله " وقال الله سبحانه كما جاء في سورة العنكبوت " يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون " ويلاحظ أن من هذه الآيات الحكيمات وصفت الأرض فيها بأنها واسعة، ومنها ما فيه معنى السعة للأرض، وعدم التضييق فيها على أحد من الناس، فالأرض أرض الله تعالى والوطن هو هذه الأرض التي هي لله سبحانه وتعالى ومن ملكه، ويورثها سبحانه من يشاء من عباده، متى ما شاء سبحانه، فلا ينبغي لمؤمن أن يغالي في الإفتخار بالأرض والوطن، فهما لله سبحانه وتعالى أصلا، وأن يمكّن عباد الله سبحانه من وراثتها والإشتراك فيها معه، وأن يراعي حقهم أي حق الناس الآخرين في ذلك، وإن الأصل الشرعي الذي يقوم عليه الدين الإسلامي هو الدفاع عن الأوطان.
كما دافع النبي صلى الله عليه وسلم عن المدينة، وكما دافع الصحابة رضوان الله تعالى عنهم والمسلمون من بعدهم عن ديارهم وثغورهم حماية لدين الله تعالى، وإعلاء لكلمة الله تعالى وحده، وهذا ما يحق وصفه بأنه في سبيل الله تعالى، وقد حكم الشرع على من قاتل أو دافع عما يملكه من أرض، أو مال أو عقار أو ما شابه ذلك، فقتل فهو شهيد عند الله سبحانه وتعالى، وإن من الأموال التي يدافع عنها المرء المسلم بشدة هو أرضه ووطنه، وإن قتل دفاعا عنها فهو شهيد عند الله إن شاء الله تعالى، فكيف لو كان مع هذا احتسابه الأجر في هذا الدفاع والمقاتلة عن بلاد المسلمين وعوراتهم؟ وحماية بيضتهم وصيانة مقدساتهم، ويتداول كثير من الكتاب والخطباء حديثًا مكذوبا، وإلى النبي صلى الله عليه وسلم منسوب، أنه قال "حب الوطن من الإيمان"
وهذا الكلام غير صحيح، لأن حب الوطن أيضا عند الكفار، فهل هذا يدل على إيمانهم؟ وحب الوطن عند الحيوانات وما شابه ذلك، وهذا مجبول بالفطرة، أما حب الوطن إن قصد به الجنة فهذا هو الوطن الحقيقي الذي خرجنا منه منذ أن أُخرج آدم عليه الصلاة والسلام بذريته، ثم نعود إليه إن شاء الله سبحانه وتعالى، وقد حكم بعدم صحته ولا نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم الإمام السيوطي وقال لم أقف عليه، ومحمد بن محمد درويش، وأبو عبد الرحمن الحوت الشافعي وقال بأنه موضوع، وقال الإمام الألباني رحمه الله بعد أن ضعّف هذا الحديث وحكم عليه بالوضع، ومعناه غير مستقيم إذ إن حب الوطن كحب النفس وحب المال ونحوه، وكل ذلك غريزي في الإنسان، لا يمدح بحبه، ولا هو من لوازم الإيمان، ألا ترى أن الناس كلهم مشتركون في هذا الحب لا فرق في ذلك بين مؤمنهم وكافرهم
إضافة تعليق جديد