بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة وهادي الأمة صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا أما بعد لقد إزدهر الإسلام فترة من الزمن ثم لم يلبث إبليس أن أغرى بعض الطغام بعبادة الطاغوت جهارا وبذبح الحنيفية عند عتبته نهارا كما قال شيخ الإسلام رحمه الله "إذا إنقطع عن الناس نور النبوة وقعوا في ظلمة الفتن وحدثت البدع والفجور ووقع الشر بينهم" حتى رحم الله تعالى الأمة بجيل راشد يقوده إمام هدى فهبّت صبا نجد بالعلم والإيمان فكان نسيمها راحة وهداية وبصيرة للراغبين.
وكانت حصباؤها رغاما وإجتثاثا لصروح القبوريين وكما صح عن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه "إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن" فعاد الناس لدينهم وآبوا لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فلم يقبض الله الإمام المجدد حتى أقر عينيه برؤية ثمار دعوته وجهاده وما عند الله خير وأبقى ولا نزكي على الله أحدا، ثم أتم علماء الدعوة السّنية السُّنية ذلك التجديد فزكت شجرة الإسلام بتيك الكوكبة من العلماء الذين قاموا بالحق وبه يعدلون، فأظهرهم الله وأعزهم على قلة المعين وضعف الناصر، فما برحوا يقيمون الديانة ويحرسون معالم الملة ويذودون عن أصول السنّة ويجلون عرائس المعاني لراغبيها ويزفون أبكار خرائد المعارف لخاطبيها، فلله هم من أنجم وأقمار ورواس وأنهار، ثم خرج ممن إستظلوا بنعمة السنة وتربّوا في رحاب مدرسة علماء الدعوة وتخرجوا على علمهم.
فأخذوا يناكفونها زعما أنهم يقوّمون المنهج ويصوّبون المسار وما علموا أنهم قد أخذوا بشبهات من سبقهم من مناوئي الدعوة النجدية السلفية فما هم سوى أبواق سوء ورسل بغي لمن خلبوا بهم وفتنوا حالهم، ولو أنهم تريثوا وتمهلوا وراجعوا أنفسهم وتجردوا وتدثروا بالتقوى والتحفوا الورع لأدّاهم ذلك إلى الهدى كما قال تعالي "وأتوا البيوت من أبوابها" وقد ركب موجتهم فئام من الأغرار أو طوائف من الفجار فتارة يركض معهم المستنوقون العصرانيون المنهزمون وتارة التزويريون التنويريون المميعون ومتأسلمة العلمانيين، ناهيك عن أهل الخرافة من المتصوفة والمتشيعة أو أذناب الكفرة من العلمانيين والليبراليين والمستغربين وخلف صفوف هؤلاء مجامع الإستشراق ونوادي الفكر الموجه ودوائر البحوث والدراسات الممنهجة ضد الحق، فحاربوا الدعوة صفا واحدا وتفرقوا إلا عليها.
فتنوعت طرق حربها وتباينت سبل ضربها فتارة في إسقاط الرموز بإتهامهم في نياتهم، وأخرى بضرب المنهج وإتهامه بأنه دخيل على الإسلام رمتني بدائها وإنسلت وثالثة بإفتراء أحداث من وحي الحيال وزاملة الكذب ولطخها بصفحة تلك الدعوة الصافية وفي كل عصر لهم جنود مجندة وشُبه ملوّنة فيقول تعالي "ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض" وللنار ملؤها وللجنة ملؤها وتوارد هؤلاء المخذولون وأولئك الموتورون على الهجوم على الدعوة السلفية أصالة أو نيابة، ومن أولئك المدهنون من ينتسب للسلفية ويخالف منهجها بغموض وغمغمة يريد بوهمه أن يبقى في المنطقة الرمادية التي حقيقتها حيث يقول تعالي "مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا"
كالشاة العائرة بين الغنمين ولم يعلم أن أصول الدين وثوابت المنهج لا تقبل أنصاف الحلول فلا منزلة بين المنزلتين ولا طريق بين السبيلين بل كما قال تعالي " وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين" وكما قال تعالي "فريق في الجنة وفريق في السعير" فنرى ذلك البائس يحبّر الصفحات يظنها ماء زلالا وليست بشيء إنما هي حديث خرافة وسراب بقيعة.
إضافة تعليق جديد