بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 27 أكتوبر 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه أما بعد، ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن السيدة رابعة العدوية الملقبة بأم الخير أو سيدة العاشقين، وهي السيدة التي يطلق اسمها على أحد ميادين مصر العريقة وهو ميدان رابعة العدوية، وولدت السيدة رابعة العدوية في مدينة البصرة في العراق، وذلك في عام مائة هجريا ولدت لأب فقير عابد يسمى إسماعيل العدوي، وكانت أم الخير هي ابنته الرابعة لذا أطلق عليه اسم رابعة، وتوفى والد رابعة وهي في سن العاشرة، ثم لحقت به والدة رابعة بشهور، لتجد رابعة نفسها وأخواتها في الحياة دون اب أو أم ليتذوقوا مرارة حياة اليتم والفقر.
حيث لم يترك لهن والدهم سوي قارب ينقل الناس بين ضفتي النهر مقابل دراهم معدودة، وخرجت رابعة وعملت مكان والدها على القارب لتعول نفسها وأخواتها، وكانت تهوى الغناء الذي يهون عليها مرارة حياة اليتم، ولكنها ما لبست أن غادرت البصرة هي وأخواتها بعد حلول الجفاف وإنتشار الوباء، ولكن بفعل إنتشار السرقة في البلاد فقد إختطفت رابعة العدوية من قبل أحد اللصوص وتم بيعها في سوق الرقيق بستة دراهم، وقد حفظت القرآن الكريم ووهبت حياتها لعبادة الله، فكانت من أكثر متصوفين عصرها. حيث كان يقصدها الناس للسماع صوتها في تلاوة القرآن وكذلك الشعر الذي تؤلفه حبا في الله تعالي، وأن هناك خلاف كبير بين المؤرخين حول حقيقة حياة رابعة العدوية، حيث انقسم المؤرخين إلى قسمين حول تحديد قصة حياة رابعة العدوية.
فهناك من يقول أنها كانت في الجزء الأول من حياتها بعد بيعها في سوق العبيد بائعة هوى وراقصة، بينما يؤكد بعض المؤرخين أنها تربت منذ صغرها على القرآن الكريم والسنة، وكانت مؤمنة تقية طول حياتها، وقال بعض المستشرقين أن سيدة العاشقين رابعة العدوية عملت كراقصة بعد أن تم بيعها في سوق الرقيق، وقال العديد من المؤرخين أن ما قيل عن حياة رابعة العدوية أنها عملت راقصة في جزء من حياتها هي معلومات عارية من الصحة، وأكد العديد من الباحثين الإسلامين أنها لم تكن يوما راقصة، ولا يوجد أن مصدر معلوم لهذه الإشاعة، حيث نشأت رابعة العدوية في أسرة مسلمة صالحة، حيث إهتم أبويها بتعليمها قواعد الدين الإسلامي الحنيف، وكما حفظت القرآن الكريم وهي في عمر الزهور، وبعد موت أبويها وبيعها في سوق الرقيق.
وعملت كخادمة في بيت سيدها الذي اشتراها من اللصوص، وكانت تؤدي عملها بإخلاص وكانت تحافظ على فروضها وعباداتها، وقال سيدها أنه عتقها من الرق بعد أن أستيقظ في يوم من الأيام على صوتها وهي تناجي ربها في السجود، حيث لاحظ وجود نور حوليها مصدره مصباح مضيء غير معلق على رأسها، يقال في الفترة الزمنية التي اشيع عنها عملها في الرقص والهوى خلالها، أنها اتخذت من مساجد الله دارا لها، وعاشت حياة التصوف، وأطلق على رابعة العدوية سيدة العاشقين، حيث رفضت الزواج من أي رجل، حتى حين تقدم لها ولي البصرة في ذلك الوقت، وقالت كما جاء نصا في كتاب "إحياء علوم الدين" لأبو حامد الغزالي اعلم أن الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن، والرغبة فيها تورث الهم والحزن، فإذا أتاك كتابي هذا فهيئ زادك.
وقدم لمعادك وكن وصي نفسك ولا تجعل الناس أوصياءك فيقتسموا تراثك، وصم عن الدنيا وليكن إفطارك على الموت، فما يسرني أن الله خولني أضعاف ما خولك فيشغلني بك عنه طرفة عين، والسلام، وعاشت رابعة العدوية طوال حياتها عذراء عاشقة لله ومخلصة في عبادته.
إضافة تعليق جديد