اليوم : الجمعة الموافق 22 نوفمبر 2024
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد اعلم أخي الكريم أنه من لم يسعد في بيته لن يسعد في مكان آخر ومن لم يحبه أهله لن يحبه أحد ومن ضيع يومه ضيع غده، وأن أربعة يجلبون السعادة وهم كتاب نافع وابن بار، وزوجة محبوبة وجليس الصالح وفي الله عوض عن الجميع، وأن إيمان وصحة وغنى وحرية وأمن وشباب وعلم هي ملخص ما يسعى له العقلاء، لكنها قل أن تجتمع كلها، فاسعد الآن فليس عندك عهد ببقائك، وليس لديك أمان من روعة الزمان، فلا تجعل الهم نقدا والسرور دينا.
وأن أفضل ما في العالم إيمان صادق وخلق مستقيم وعقل صحيح وجسم سليم، ورزق هانىء وما سوى ذاك شغل، فإتقوا الله عباد الله واعلموا أن لله تعالى صفات تفرّد بها عن خلقه لا يجوز لأحد الاتصاف بها ومن هذه الصفات هو الكبر وهو مرض خطير، وداء عليل لا يخلو منه كثير من البشر بنسب متفاوتة، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، وموجب لغضب الرحمن، وسبب عظيم من أسباب الحرمان، فلا يليق بالمخلوق الضعيف أن يتكبر على الناس ولا أن يدخله العُجب والغرور، فالكبر والعجب داءان مهلكان، لا يتحلى بهما إلا أراذل الناس، ولا يتكبر أحد إلا لشعوره بالنقص في داخله فالمتكبر ناقص مهزوز الثقة بنفسه يرى أن فيه عيبا ونقصا لا يزيله إلا بإظهاره للناس عكس ذلك فيتصنع الكبر والغرور.
فيرى أنه بهذا قد كمُل وهو عند الناس في غاية الحقارة والمقت، وقد ذم الله تعالي الكبر في مواضع من كتابه وذم كل جبار متكبر، فالمتكبر مصروف عن الحق والهدى لأنه أقل واحقر من أن يعطاه، فالمتكبر مطبوع على قلبه مختوم على فؤاده والمسكين لا يشعر بذلك أبدا، والمتكبرون هم أهل النار وحطامها، والكبر مختص بالله وحده فويل لمن أراد أن يكون شريكا لله بصافته، وهذه المنازعة قد تسبب العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، كما جاء عن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أنه قال "بينما رجل يجرّ إزاره من الخيلاء خسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة" أي هو يغوص فيها والعياذ بالله، والجزاء من جنس العمل، وكذلك يوم القيامة سيكون جزاء المتكبرين بأن يحشروا.
"أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال" وهذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما، فهذا جزاء التكبر، الذل والصغار والإهانة والإحتقار يوم القيامة والعياذ بالله، والمتكبر متوعد بعدم دخول الجنة، وما عصى إبليس ربه وهو أول العاصين إلا لما استقر في قلبه من الكبر، بل إن الكبر أشر وأخطر من الشرك، فاللهم إنا نعوذ بك من الكبر والعُجب والغرور، ونعوذ بك من سبيل المتكبرين ومثوى المتكبرين، يا رب العالمين، اللهم اجعلنا ممن تواضع لك فرفعته، وذل نفسه لك فأكرمته، وتوكل عليك فكفيته، وسألك من فضله فأعطيته
إضافة تعليق جديد