اليوم : الخميس الموافق 12 ديسمبر 2024
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضاه، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجو بها النجاة يوم نلقاه، يوم يبعثر ما في القبور ويحصّل ما في الصدور، وأَشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، لقد سطّر التاريخ أروع الكلمات في حسن الرأي الذي كان له أكبر الأثر في تثبيت رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم وإعداده للملمات، عندما دخل الرسول صلى الله عيه وسلم يرجف فؤاده، وتضطرب أوصاله قائلا للسيدة خديجة رضي اله عنها زملونى زملونى حتى إذا ذهب الروع منه، بادرته بكلماتها الرائعة كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكلّ.
وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فكانت كلمات خرجت من القلب لتستقر في القلب، وقد كان في صلح الحديبية لأم المؤمنين أم سلمه رضي الله عنها موقف لا ينسى، ينم عن رجاحة العقل والحكمة فيذكر انه لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر كتابة الصلح قال لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا، فما قام منهم رجل واحد حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك دخل على أم سلمه محزونا فكأنها فهمت ما دار في أنفس الناس، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنتك، وتدعو حالقك ليحلق لك، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما رأوا ذلك قاموا مسرعين فنحروا.
وعندما بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السيدة سودة رضي الله عنها بغرارة دراهم فقالت ما هذه؟ قالوا دراهم، قالت في الغرارة مثل التمر يا جارية بلغيني القنع ففرقتها، ولم تكتفي زينب بنت جحش زادت على ذلك كونها "صناع" تدبغ وتخرز، وتتصدق في سبيل الله، وفى مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا" فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا قالت وكانت أطولنا يدا زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق وإنما أراد أطولهن بالصدقة، وكان عطاؤها اثني عشر ألفا لم تأخذه إلا عاما واحدا فجعلت تقول اللهم لا يدركني هذا المال من قابل فإنه فتنة ثم قسمته في رحمها وفي أهل الحاجة، ويتجلى هذا السموّ في آخر لحظات حياتها عند الوفاة حينما يرسل لها عمر بن الخطاب رضي الله عنها بكفن.
فقالت إني أعددت كفني فتصدقوا بأحدهما وإن إستطعتم أن تتصدقوا بحقوي فافعلوا فقالت عائشة لقد ذهبت مفزع اليتامى والأرامل، فاللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم اجعلنا مجتمعين على الحق غير متفرقين فيه، اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى واغفر لنا في الآخرة والأولى، اللهم أبرم لأمتنا أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عزيز يا غفار، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين.
إضافة تعليق جديد