بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل لنا الصوم حصنا لأهل الإيمان والجنة، وأحمد سبحانه وتعالى وأشكره، بأن من على عباده بموسم الخيرات فأعظم المنة ورد عنهم كيد الشيطان وخيب ظنه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، شهادة تؤدي لرضوانه والجنة، أما بعد من أراد معرفة إنتكاس المفاهيم وإنقلاب الموازين عند ضياع الأمانة وسيادة الخيانة، فلينظر إلى حال الإعلام العربي وهو يمتدح العري والسفور والإختلاط وكل أنواع الفساد، ويثني على الزنادقة والمفسدين، ويذم العفاف والحجاب، ويقدح في الدين وعلمائه ودعاته، وينتقد كل من يتمسك بالفضيلة ويدعو إليها، أو يحذر من الرذيلة وينهى عنها، وكم من شخص أبرزه الإعلام الفاسد، وقال فيه ما أظرفه وما أعقله وقدمه للناس نموذجا يحتذى، ورمزا يقلد، وهو فاسد مفسد ليس في قلبه حبة خردل من إيمان.
وهذا يدل على ضياع الأمانة، وإنتشار الخيانة في الأزمنة المتأخرة، واعلموا أن من أسباب النصر هو وجود علماء ودعاة ربانية، حيث إن تحقيق الإيمان والعمل الصالح لدى أفراد الأمة إنما يكون بالدعوة إلى الله عز وجل تصفية وتربية، على أيدي العلماء الربانيين الذين هم أتباع سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وقال ابن القيم فسبيله وسبيل أتباعه الدعوة إلى الله فمن لم يدع إلى الله فليس على سبيله، وكما أن من أسباب النصر هو نصر دين الله تعالي، حيث أن من أعظم أسباب النصر نصر دين الله تبارك وتعالى والقيام به قولا وإعتقادا وعملا ودعوة، وهذا أمر من الله تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات.
ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره، وكما أن من أسباب النصر هو التوكل على الله والأخذ بالأسباب، فالتوكل على الله تعالى مع إعداد القوة من أعظم عوامل النصر، حيث قال ابن القيم التوكل من أقوى الأسباب في حصول المراد ودفع المكروه بل هو أقوى الأسباب على الإطلاق، والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم، فإن الله حسبه أي كافية ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ولا يضره إلا أذى، وإن يمددكم الله بنصره ومعونته فلا غالب لكم، فلو إجتمع عليكم من في أقطارها وما عندهم من العدد والعدد، لأن الله لا مغالب له، وقد قهر العباد وأخذ بنواصيهم.
فلا تتحرك دابة إلا بإذنه، ولا تسكن إلا بإذنه "وإن يخذلكم" ويكلكم إلى أنفسكم "فمن ذا الذي ينصركم من بعده" فلا بد أن تنخذلوا ولو أعانكم جميع الخلق، وفي ضمن ذلك الأمر بالإستنصار بالله والإعتماد عليه، والبراءة من الحول والقوة، ولهذا قال "وعلى الله فليتوكل المؤمنون" بتقديم المعمول يؤذن بالحصر، أي على الله توكلوا لا على غيره، لأنه قد علم أنه هو الناصر وحده، فالإعتماد عليه توحيد محصل للمقصود، والإعتماد على غيره شرك غير نافع لصاحبه، بل ضار، فاللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم واحم حوزة الدين يا رب العالمين، اللهم آمنّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك وإتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
إضافة تعليق جديد