رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 12 مايو 2025 8:02 م توقيت القاهرة

والضحي والليل إذا سجي

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد لقد أقسم الله سبحانه وتعالى بتحقيق قدره وجلاله فقال تعالى " والضحي والليل إذا سجي " وقال القاضي عياض تضمنت هذه السورة من كرامة الله تعالى له، وتنويهه به وتعظيمه إياه ستة وجوه، فالأول وهو القسم له عما أخبره به من حاله بقوله تعالى " والضحي والليل إذا سجي " أي ورب الضحى وهذا من أعظم درجات المبرة، والثاني وهو بيان مكانة رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم عنده وحظوته لديه بقوله تعالى " ما ودعك ربك وما قلي " أي ما تركك وما أبغضك، وقيل ما أهملك بعد أن اصطفاك، والثالث وهو قوله تعالى " وللآخرة خير لك من الأولي " 

وقال إبن إسحاق أي مالك في مرجعك عند الله تعالي أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا، وقال سهل أي ما ذخرت لك من الشفاعة والمقام المحمود خير لك مما أعطيتك في الدنيا، والرابع وهو في قوله تعالى " ولسوف يعطيك ربك فترضي " وهذه آية جامعة لوجوه الكرامة، وأنواع السعادة، وشتات الإنعام في الدارين والزيادة، وقال ابن إسحاق يرضيه بالنصر والتمكين في الدنيا، والثواب في الآخرة، وقيل يعطيه الحوض والشفاعة، والأمر الخامس وهو ما عدده الله تعالى عليه من نعمه، وقرره من آلائه قبله في بقية السورة، من هدايته إلى ما هداه له، أو هداية الناس به على إختلاف التفاسير، ولا مال له، فأغناه بما آتاه، وهدى بك ضالا، وأغنى بك عائلا، وآوى بك يتيما، فذكره سبحانه وتعالي بهذه المنن وأنه لم يهمله في حال صغره وعيلته ويتمه وقبل معرفته به.

ولا ودعه ولا قلاه، فكيف بعد إختصاصه وإصطفائه، وأن أمره بإظهار نعمته عليه وشكر ما شرفه بنشره وإشادة ذكره بقوله تعالى " وأما بنعمة ربك فحدث " فإن من شكر النعمة الحديث بها، وهذا خاص له عام لأمته، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدا بما يكره بل كان يعرض به صلى الله عليه وسلم، والذي ينظر إلى حياته الخاصة يرى التواضع التام وعدم الإنشغال الزائد بالدنيا، وكذلك رحمته بنسائه ومعونته إياهم، وكذلك شدة محبته صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم والشهود بالفضل لهم، وحتى مع خادمه كان رمزا للأسوة والقدوة، وإن محبة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أصل عظيم من أصول الإسلام، وشرط من شروط صحة الإيمان، حيث قال الله تعالى في سورة التوبة.

" قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين " فلا يجوز أن يكون حب أي عرض من أعراض الدنيا مقدما على محبة الله ورسوله، والرسول صلى الله عليه وسلم ينفى الإيمان عمن لم يجعل محبته مقدمة على محبة الأهل والمال والولد فيقول " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" رواه البخاري، وحين قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لأنت أحب إلىّ من كل شيء إلا من نفسي، أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله. 

" لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال عندها عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إليّ من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "الآن يا عمر" رواه البخاري، وحين سئل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه " كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآباؤنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ"

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.