رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 16 مارس 2025 12:18 ص توقيت القاهرة

واخفض لهما جناح الذل من الرحمة.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، لقد أمرنا الله عز وجل ببر الوالدين والإحسان إليهما، فيقول الله تعالي " فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما " وفي قوله تعالى " فلا تقل لهما أف " قال مجاهد بن جبر معناه إذا رأيت منهما في حال الشيخ الغائط والبول الذي رأياه منك في الصغر، فلا تقذرهما وتقول أف" وقال الإمام القرطبي رحمه الله قال علماؤنا وإنما صارت قولة " أف " للأبوين أردأ شيء لأنه رفضهما رفض كفر النعمة، وجحد التربية، وردّ الوصية التي أوصاه في التنزيل، و " أف " كلمة تقال لكل شيء مرفوض ولذلك قال نبي الله الخليل إبراهيم عليه السلام لقومه.
كما جاء في سورة الأنبياء " أف لكم ولما تعبدون من دون الله " أي رفض لكم ولهذه الأصنام معكم، وقوله تعالى " ولا تنهرهما " أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، وقوله تعالى " وقل لهما قولا كريما " أي ليّنا طيّبا حسنا، بتأدب وتوقير وتعظيم، وقال سعيد بن المسيّب قول العبد المذنب للسيد الغليظ الفظ، ومعني قوله تعالى " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله، كن لهما ذليلا، رحمة منك بهما، تطيعهما فيما أمراك به مما لم يكن لله معصية، ولا تخالفهما فيما أحبّا، ومعني قوله تعالى " وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " قال الإمام القرطبي رحمه الله أمر تعالى عباده بالترحم على آبائهم والدعاء لهم، وأن ترحمهما كما رحماك، وترفق بهما كما رفقا بك، إذ ولياك صغيرا جاهلا محتاجا، فآثراك على أنفسهما، وأسهرا ليلهما.
وجاعا وأشبعاك، وتعرّيا وكسواك، فلا تجزيهما إلا أن يبلغا من الكبر الحد الذي كنت فيه من الصغر، فتلي منهما ما وليا منك، ويكون لهما حينئذ فضل التقدم، وقال الإمام القرطبي حمه الله في قوله تعالى " كما ربياني صغيرا " خص التربية بالذكر ليتذكر العبد شفقة الأبوين وتعبهما في التربية، فيزيده ذلك إشفاقا لهما، وحنانا عليهما، وهذا كله في الأبوين المؤمنين، واعلموا إن من أعظم بركات بر الوالدين هو إستجابة الله تعالى لدعاء الأبناء الصالحين البررة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " بينما ثلاثة نفر يتماشون، أخذهم المطر، فمالوا إلى غار في الجبل، فإنحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالا عملتموها لله صالحة، فادعوا الله بها لعله يفرجها.
فقال أحدهم اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران ولي صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي، وإنه ناء بي الشجر فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك إبتغاء وجهك، فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة حتى يرون منها السماء " رواه البخاري ومسلم، بارك الله لي ولك في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.