رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 18 مايو 2025 10:31 م توقيت القاهرة

هل التأريخ بالهجرة في عهد عمر كان وحيا.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الغفور الودود الكريم المقصود الملك المعبود قديم الوجود، المتعالي عن الأمثال والأشكال والجهات والحدود، لا يخفى عليه دبيب النملة السوداء في الليالي السود، ويسمع حس الدود في خلال العود، وتردد الأنفاس في الهبوط والصعود، القادر فما سواه فهو بقدرته الوجود، وبمشيئته تصاريف الأقدار، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير شهادة أدخرها عنده ليوم اللقاء، يا من يرى ما في الفؤاد ويسمع أنت الرقيب لكل لما يتوقع، سبحانك اللهم أنت الواحد كل الوجود على وجودك شاهد، يا حي يا قيوم أنت المرتجى والي علاك علا الجبين الساجد، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم الرسل والأنبياء، وسيد النجباء والأولياء والأصفياء، المتصف بالصدق والوفاء.
يا سيدي يا رسول الله أرسلت داعية إلي الرحمن ودعوت فإهتز لك الثقلان، أخرجت قومك من ضلالات الهوى وهديتنا للواحد الديان، وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه وإتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن الهجرة النبوية المشرفه، ولكن هل يا ترى هل كان التأريخ بالهجرة كما جرى في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحيا؟ أم كان ثمرة العقل العمري الألمعي الجبار؟ ذلك الذي بلغ من الشفافية والعبقرية أن نزل وحي السماء يوافق رأيه في غير مرة، والحقيقة أن الإجابة غير يقينية، وقد تكون غير مفيدة على المستوى العملي، رغم أن السؤال يمثل إغراء نظريا مثيرا لعقول الفلاسفة والمنظرين، لأن ذلك القرار حمل المسلمين على مدى القرون التالية.
لأن يقفوا كل عام أمام حادث الهجرة يتأملونه ويستنطقونه، وفي كل مرة يعطيهم ذات الحدث الواحد دروسا تبدو بلا نهاية، وكان قيام الدولة الإسلامية ضرورة شرعية وضرورة تاريخية أيضا، فعلى المستوى الشرعي كان لابد لرسالة الله الأخيرة للبشر على هذه الأرض أن تستكمل فصولها لتخبرهم كيف يديرون حياتهم في دولة، وكيف ينظمون لأنفسهم طرق السياسة والإدارة والحرب والقانون، فكان لابد من وجود صورة للدولة الإسلامية والتي هي بمثابة النموذج الذي يظل يلهم الناس ويحثهم على الإرتفاع لمثاله وتقليده، وهذه صورة لا يستفيد منها المسلمون وحدهم بل هي كذلك من وسائل الدعوة لكل العالمين، فإن تحقيق الفكرة للنجاح على الأرض يدفع ويغري من لم يقتنع بالفكرة ذاتها إلى أن يقتنع بها حين يرى آثارها وثمارها، وذلك قانون تاريخي لا يجادل فيه.
فكل فكرة في التاريخ لم تستطع صناعة دولة ماتت في مهدها أو في صباها، أو ظلت في أحسن الأحوال حلما يراود الخيال، وينفر منه الواقعيون، ويطرحه السياسيون والقادة وصناع التاريخ، فكان لابد للرسالة الخاتمة أن تنشيء الدولة لتحقق ثمرة الفكرة، ولتثبت الفكرة أنها عملية قادرة على الحياة وقابلة للتطبيق، بل هي النموذج الأمثل والأنجح من بين كل الأفكار، وهذا على مستوى الضرورة الشرعية، وأما على مستوى الضرورة التاريخية، فيبدو الأمر واضحا لو حاولنا تخيل مسار التاريخ الإنساني بدون الرسالة الإسلامية، إن الصورة تبدو كارثية بكل الوجوه، فإن القفزة الحضارية التي صنعها المسلمون وضعت بصمتها على كل التاريخ الإنساني وعلى مختلف أنشطة السلوك الإنساني حتى ليبدو المفكر الإنجليزي الكبير مونتجمري وات مذهولا إذ يقول.
"إننا لنجد شيئا لا يكاد العقل يصدقه، وبالتالي فهو أمر يخلب العقل، حين نقرأ عن كيف تحولت الحضارات القديمة في الشرق الأوسط إلى حضارة إسلامية، وهذا مع إعتراف المستشرق الإنجليزي الشهير ألفريد جيوم بأن تأثير الحضارة الإسلامية لم تدرك أبعاده بشكل كامل إلى الآن، فيقول " وعندما ترى ضوء النهار جميع المواد النفيسة المختزنة في مكتبات أوربا، فسيتضح لنا أن التأثير العربي الباقي في الحضارة الوسيطة لهو أعظم بكثير مما عُرف عنه حتى الآن"

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.