رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 30 يناير 2025 12:13 م توقيت القاهرة

مواقف الطلقاء يوم حنين

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة وكتب المغازي الكثير عن غزوة حنين، وأما عن مواقف الطلقاء يوم حنين، فإن في هذا الموقف الصعب تباينت مواقف الطلقاء، فمنهم من صرّح بكفره بعد أن كان متظاهرا بالإسلام، مثل كلدة بن الحنبل، ولكنه أسلم بعد ذلك وله صحبة، فهذا الرجل قال في ذلك الوقت ألا بطل السحر اليوم، فهو يتهم الرسول صلي الله عليه وسلم بالسحر، مع أنه خارج مع المسلمين على أنه مسلم، ومنهم من لم يكتفي بالكفر، بل حاول قتل الرسول صلي الله عليه وسلم مثل شيبة بن عثمان. 

وبفضل الله أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، ومنهم من أظهر الشماتة دون أن يظهر الكفركأبي سفيان زعيم مكة الذي قال لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، ورأى رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يتألف الطلقاء والأعراب بالغنائم تأليفا لقلوبهم لحداثة عهدهم بالإسلام، فأعطى لزعماء قريش وغطفان وتميم عطاء عظيما، إذ كانت عطية الواحد منهم مائة من الإبل، ومن هؤلاء أبو سفيان بن حرب، وسهيل بن عمرو، وحكيم بن حزام، وصفوان بن أمية، وعيينة بن حصن الفزاري، والأقرع بن حابس، ومعاوية ويزيد ابنا أبي سفيان، وقيس ابن عدي، وكان الهدف من هذا العطاء المجزي هو تحويل قلوبهم من حب الدنيا إلى حب الإسلام، أو كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها.

وعبر عن هذا صفوان بن أمية بقوله "لقد أعطاني رسول الله ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي" وقد تأثر حدثاء الأنصار من هذا العطاء بحكم طبيعتهم البشرية، وترددت بينهم مقالة، فراعى هذا الإعتراض وعمل على إزالة التوتر، وبين لهم الحكمة في تقسيم الغنائم، وخاطب الأنصار خطابا إيمانيا عقليا عاطفيا وجدانيا، ما يملك القارئ المسلم على مر الدهور وكر العصور وتوالي الزمان إلا البكاء عندما يمر بهذا الحدث العظيم، فعندما دخل سعد على رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار منها شيء، قال صلي الله عليه وسلم "فأين أنت من ذلك يا سعد؟ 

قال يا رسول الله، ما أنا إلا من قومي، قال صلي الله عليه وسلم "فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة؟" قال "فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم، فدخلوا، وجاء آخرون فردهم، فلما إجتمعوا أتى سعد، فقال قد إجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول الله صلي الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال " يا معشر الأنصار، ما قالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها في أنفسكم، ألم آتكم ضُلالا فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا الله ورسوله أمن وأفضل، ثم قال " ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ قالوا بماذا نجيبك يا رسول الله، لله ولرسوله المن والفضل، قال صلي الله عليه وسلم "أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك"

أوجدتم علي يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشرالأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير، وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به، ولولا الهجرة، لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وواديا، وسلكت الأنصار شعبا وواديا لسلكت شعب الأنصار وواديها، الأنصار شعار والناس دثار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار" قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا، ثم إنصرف رسول الله صلي الله عليه وسلم وتفرقوا، وفي رواية قال صلي الله عليه وسلم " إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض"

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.