الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلاله وركب بلطف حكمته مفاصله وأوصاله ورباه في مهاد لطفه ثلاثين شهرا حمله وفصاله وزينه بالعقل والحلم وأزال عنه ظلماء الجهاله، فسبحان من إختارهم لنفسه ونعمهم بأنسه وأجزل لهم نواله، ويسّر له مولاه سبيل السعادة وحقق آماله وأجزل نصيبه من التوفيق وقبل أعماله، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير أما بعد إن الأيام تمر وهكذا تستمر الحياه ولكن يجب علينا جميعا أن نستحضر هذه النعمة العظيمة أن بلغنا شهر رمضان ووفقنا لصيامه وقيامه وصالح الأعمال، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، وكم من مريض مر عليه رمضان كغيره من الشهور، وكم من عاصي لله ضال عن الطريق المستقيم ما إزداد في شهر رمضان إلا بعدا وخسارا.
ولنعلم أن الأيام معدودة، والعمر قصير، ولا تعلم متى يأتيك الأجل، ولا تدري لعلك لا تبلغ رمضان، وإن بلغته لعلك لا تكمله، وإن أكملته لعله يكون آخر رمضان في حياتنا، وإن ليلة القدر هي أفضل الليالي، وقد أنزل الله تعالي فيها القرآن، وأخبر سبحانه أنها خير من ألف شهر، وأنها مباركة، وأنه يفرق فيها كل أمر حكيم، وقيل سميت ليلة القدر من باب التعظيم لأنها ذات قيمة وقدر ومنزلة عند الله تعالى لنزول القرآن فيها وقيل سميت بليلة القدر لما يقع فيها من تنزل الملائكة ولما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة، وأن الذي يحييها يصير ذا قدر، ولأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة، وقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه"
ويجب أن تعلم كم سنة تعدل ليلة القدر؟ هوأكثر من ثلاث وثمانين سنة، فلو حرصت كل الحرص على هذه الليلة فلا تفوتك، وذلك بقيام كل ليالي العشر الأخيرة، وإستغلال كل ليلة منها كأحسن ما يكون الإستغلال كقدوتنا وحبيبنا ونبينا ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقالت السيده عائشة رضي الله عنها " أنه إذا دخل العشر شد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله " وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالي بمزيد إجتهاد لا يفعله في العشرين الأول، فقالت السيده عائشة رضي الله عنها، كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها، فعن أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما أعظمها فى هذه الليله من دعوة مباركة،
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فأعفو عنا وما أجملها في ليلة القدر المباركة وهذه الدعوة مناسبة لليلة القدر غاية المناسبة لأن ليلة القدر يكتب فيها ما هو كائن إلى ليلة القدر الأخرى، فما أجمل أن يقبل العبد في ليلة الكتابة على الله عز وجل ويسأله العفو العافية ومن أعطي العافية في هذه الليلة فقد أعطي الخير كله وأن السيده عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله، أرأيت إن علمت ليلة القدر أي ليلة هي، فماذا أقول؟ قال "قولي " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" رواه الترمذى، وإن شهر رمضان هو موسم جليل ووقت فاضل، وسرعان ما يذهب، فينبغي علينا أن نستغل أوقاته الشريفة وساعاته المباركة بالجد والإجتهاد والإقبال على طاعة الله عز وجل وأن نتضرع إليه بالذكر والدعاء.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كان له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك" رواه البخارى.
إضافة تعليق جديد