رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 22 نوفمبر 2024 5:04 م توقيت القاهرة

عبارات لا يقصدها الإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين المستوجب لصفات المدح والكمال والمستحق للحمد على كل حال، لا يحصي أحد ثناء عليه بل هو سبحانه كما أثنى على نفسه بأكمل الثناء وأحسن المقال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، هدى به الناس من الضلال، ووضع عنهم الآصار والأغلال، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد اعلم أخي الكريم أن السعادة في التضحية وإنكار ا لذات وبذل الندى وكف الأذى والبعد عن الأنانية والاستئثار، وأن الضحك المعتدل يشرح النفس ويقوي القلب ويذهب الملل وينشط على العمل ويجلو الخاطر، وان العبادة هي السعادة، والصلاح هو النجاح، ومن لزم الأذكار وأدمن الاستغفار وأكثر الإفتقار فهو أحد الأبرار. 

وأن خير الأصحاب من تثق به وترتاح وتفضي إليه بمتاعبك ويشاركك همومك ولا يفشي سرك، فلا تتوقع سعادة أكبر مما أنت فيه فتخسر ما بين يديك ولا تنتظر مصائب قادمة فتستعجل الهم والحزن، ولا تظن أنك تعطي كل شيء، بل تعطي خيرا كثيرا، أما أن تحوي كل موهبة وكل عطية فهذا بعيدن وأعلم أخي الكريم أنه امرأة حسناء تقية ودار واسعة وكفاف من رزق، وجار صالح هي نعم جهلها الكثير، ولقد كانوا في القرى قديما يجتمعون الناس لصلاة الجمعة في إحدى القرى الصغيرة، ويأتون من قرى بعيدة من الفلاحين وغيرهم، ومن بينهم شاب كانت أمه في حال صعبة من المرض، وكان يظن أنها تموت في وقت صلاة الجمعة فما ماتت، فقال للناس الذين حضروا يريد أن يكثر المصلين عليها.

فقال لا تبرحوا لأن الوالدة على وشك أن تفارق فنريد منكم الإنتظار من أجل أن يكثر المصلون عليها، فإنتظروا إلى العصر ما ماتت، ثم إنتظروا إلى المغرب ما ماتت ثم تفرقوا، وبرئت هذه الوالدة بعد ذلك أي شفيت وعوفيت فكانت تذكر ذلك من صنيع ولدها، وتقول حبس الناس من أجل أن يتخلص مني ومن أجل أن يصلوا عليّ، فهي ما فهمت مراده، والأمثلة على هذا كثيرة من الكلام الذي قد لا يقصده الإنسان، فقيل أن الصغار إجتمعوا عند جدتهم، وأغضبوها فغضبت، وقالت اذهبوا لا أساوي عندكم نواة، ولا عبسة أي نواة التمر فصاحت إحدى البنيات، وقالت والله إنكي تساوين مائة عبسة، فإزداد غضبها وقالت الآن عرفت قدري عندكم، مائة نواة من التمر هذا قدر الجدة، فالبنت ما قصدت هذا الكلام، وإنما تحمست، وإندفعت فقالت مثل هذه الكلمة لتبين.

وتبرهن على محبتها لهذه الوالدة، أو الجدة، فعلى الإنسان أن يبتعد عن العبارات الموهمة، وانظروا إلى الأدب القرآني فالله عز وجل ذكر لنا خبر الخليل إبراهيم عليه السلام وماذا قال؟ " وإذا مرضت فهو يشفين " فما نسب المرض إلى الله تعالي مع أن المرض من الله عز وجل، قال " وإذا مرضت " فنسب المرض إلى نفسه، ونسب الشفاء إلى الله تبارك وتعالى والله حينما خاطب نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم قال " ما ودعك ربك وما قلي " فالتوديع نسبه إليه، وكلمة قلى هي كلمة قوية لم ينسبها إليه، فقال " وما قلي " وهذا على قول بعض المفسرين، وليس هذا محل إتفاق، وكذلك أيضا في قوله تعالي " ألم يجدك يتيما فآوي " وما قال فآواك فهداك فأغناك،  ويقول الله تعالي في الحديث القدسي يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما إلى أن قال فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك" ما قال فمن وجد شرا، مع أنه نفس المعنى، لكن راعى العبارة وراعى اللفظة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.