بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، الحمد لله أبدع ما أوجد، وأتقن ما صنع، وكل شيء لجبروته ذلّ ولعظمته خضع، سبحانه وبحمده في رحمته الرجاء، وفي عفوه الطمع، وأثني عليه وأشكره، فكم من خير أفاض ومكروه دفع، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعالى في مجده وتقدس وفي خلقه تفرد وأبدع، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله أفضل مقتدى به وأكمل متّبع، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل الفضل والتقى والورع، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ولنهج الحق لزم واتّبع، وسلم تسليما كثيرا أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله رحمكم الله فالحياة يعقبها الممات، والأتراب يسلمون للتراب، سبق القوم بكثرة الصلاة والصوم، هجروا لذيذ المنام، وغايتهم دار السلام، فالجد الجد رحمكم الله من أجل أن تغنموا، والبدار البدار من قبل أن تندموا.
واطرقوا في الدجى ثم أما بعد عن أم المؤمنين السيدة عائشه رضي الله عنها أنها قالت قال النبي صلي الله عليه وسلم "كل الناس جياع يوم القيامه إلا الأنبياء وأهاليهم وصائم رجب وشعبان ورمضان فإنهم شباع لا جوع لهم ولا عطش" والله أعلم، وقد حكي ان امرأه في بيت المقدس كانت عابده فإذ جاء رجب تقرأ كل يوم " قل هو الله أحد" أحد عشر مره تعظيما له فكانت تنزع الملبس الأطلسي وتلبس الثياب الباليه فمرضت في رجب وأوصت إبنها بأن يدفنها في ثياب باليه فكفنها بثياب مرتفعه رياء للناس فرأها في النوم فقالت يابني لما لم تاخذ بوصيتي وانا عنك غير راضيه فإنتبه فزعا ونبش قبرها فلم يجدها في قبرها وتحير وبكا بكاءا شديدا فسمع نداء يقول اما علمت ان من عظم شهرنا رجب لم يترك في القبر فريدا وحيدا، والله أعلم بحقيقة هذا الكلام.
ورُوي أن رجلا من الصالحين فقد ما كان يجد في قلبه من الخشوع والإنابة والإقبال على الله عز وجل فظل حائرا، متألما، يريد أن تعود إليه السلامة التي عهدها من قلبه، فكان يطوف بلدته على حاله تلك وهو يسأل نفسه أين قلبي؟ أين قلبي؟ فجلس يستريح ساعة إذ سمع بكاء صبي تضربه والدته، ثم أخرجته من الدار، وأغلقت دونه الباب، فجعل الصبي يلتفت يمينا وشمالا ولا يدري أين يذهب؟ وإلى أين يقصد؟ فلما سكن ما به عاد ناكصا على عقبيه حتى رجع إالى باب دار والدته فوضع رأسه على عتبة الدار فذهب في النوم، ثم إنتبه فجعل يبكي ويقول يا أماه، من يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك ؟ومن يدنيني من نفسه إذا طردتني من نفسك؟ ومن الذي يربيني بعد أن غضبت عليّ؟ فرحمته أمه، فقامت ونظرت من خلل الباب فوجدت ولدها تجري الدموع على خديه، متمعكا في التراب.
ففتحت الباب وأخذته حتى وضعته في حجرها، وجعلت تقبله وتقول ياقرة عيني ويا عزيز نفسي، أنت الذي حملتني على نفسك، وأنت الذي تعرضت لما حلّ بك، ولو كنت أطعتني لم تلقي مني مكروها، عندئذ صاح الرجل يقول وجدت قلبي، قد وجدت قلبي لن أبرح بابه، فإننا نريد أن نتفقد قلوبنا وأن نتعهد سلامتها، فإن الله كريم لا يطرد عن بابه إلا من أعرض وأعان على نفسه، ولا يجد ألم الفقد إلا وجد لذة الوجد، من لزم الباب، وأدمن الطرق فتح له وقبل، وعن أم المؤمنين السيدة عائشه رضي الله تعالي عنها قالت "كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم حتي نقول لا يفطر ويفطر حتي نقول لايصوم ومارأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان ومارأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان"
وفي روايه للبخاري ومسلم عن أم المؤمنين السيدة عائشه رضي الله عنها قالت " لم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان فانه كان يصوم شعبان كله وكان يقول " خذوا من العمل ماتطيقون فان الله لايمل حتي تملوا"
إضافة تعليق جديد