الحمد لله على جزيل النعماء، والشكر له على ترادف الآلاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إمام المتقين، وسيد الأولياء، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأصفياء، وأصحابه الأتقياء، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد لقد أوصي الإسلام الآباء والأمهات بتربية أبناءهم تربية حسنة علي كتاب الله وسنة نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم، وإن من الحقوق الواجبة علي الأبناء هو حق الإكرام والإحترام، فعن شداد بن أوس قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي وهو حامل حسنا أو حسينا فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلى وسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال شداد فرفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس يا رسول الله إنك سجدت سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال كل ذلك لم يكن ولكن ابني إرتحلني أي ركب ظهري فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته " رواه احمد والنسائي، وعن بريدة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ثم قال صدق الله " إنما أموالكم و أولادكم فتنة " نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ثم أخذ في الخطبة " رواه الترمذي و أبو داود و النسائي، وعن أبي بكرة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى.
ويقول إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين " رواه البخاري و غيره، وعن أبي قتادة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وهي صبية فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه يضعها إذا ركع ويعيدها على عاتقه إذا قام حتى قضى صلاته يفعل ذلك بها " رواه البخاري ومسلم، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال والله إني لأسمع بكاء الصبي وأنا في الصلاة فأخفف مخافة أن تفتتن أمه " رواه البخاري و مسلم، وعن عمرو بن سلمة رضي الله عنه قال انطلق أبي وأمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة وقال يؤمكم أقرؤكم وكنت اقرأهم لما كنت أحفظ فقدموني فكنت أؤمهم وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين " رواه البخاري.
وهذا الحديث ينفي ما يروج عند الناس أن الأطفال في الصلاة ينبغي أن يكونوا خلف الرجال إعتبارا لحديث ضعيف في الموضوع فإذا صح للطفل أن يكون إماما للرجال إستحق من باب أولى أن يكون بين الرجال في الصف الأول وما يليه، وإن هذه المواقف النبيلة للنبي المصطفي صلى الله عليه وسلم من أطفاله على مرأى ومسمع من الناس في الصلاة وفي خطبة الجمعة ومطاوعته لهم في تصرفاتهم الصبيانية والناس ينظرون إنما تعمد فعل ذلك ليعلم الناس كيف يعاملون أطفالهم برفق وإكرام ويراعون أحاسيسهم الرقيقة ويتقبلون منهم حركاتهم البريئة حتى لا يشعر الأطفال بازدراء وإستخفاف من والديهم وهو ما لا ينسجم مع الرابطة المتينة القائمة بين الأولاد ووالديهم، وكما يتم تعويد الطفل على الإستقلال الذاتي والشعور بالمسؤولية في ترتيب ألعابه وكتبه وفراشه.
وترتيب غرفته وكي ملابسه إذا لم يكن هناك خطر في ذلك وغيرها من الأمور، وكما يجب على الأب أن لا يقارن بين طفل وآخر وبين طفلة وأخرى بحيث يمدح الأب واحدا ويذم آخر أمام الجميع خوفا من أن يقع أحدهما في الكبر والآخر في الحسد والغيرة والنقمة على الأخ الآخر.
إضافة تعليق جديد