رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 6 يونيو 2025 10:26 ص توقيت القاهرة

تشريع الله تعالي في العبادة.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد إن تشريع الله تعالي في العبادة، هو تشريع متوسط معتدل، بين الإفراط والتفريط، والغلو والتقصير، حيث يقول الله تعالي " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغي بين ذلك سبيلا " وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال " كنت أصلي مع النبي صلي الله عليه وسلم الصلوات فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا، أي كانت معتدلة، وسطا بين الطول والقصر، ولعل أوضح دليل يذكر هنا الآيات الآمرة بصلاة الجمعة حيث قال الله عز وجل " يا أيها الذين ىمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون "
فهذا شأن المسلم مع الدين والحياة حتى في يوم الجمعة، بيع وعمل للدنيا قبل الصلاة، ثم سعي إلى ذكر الله وإلى الصلاة وترك للبيع والشراء وما أشبهه من مشاغل الحياة، ثم إنتشار في الأرض وإبتغاء الرزق من جديد بعد إنقضاء الصلاة، مع عدم الغفلة عن ذكر الله كثيرا في كل حال، فهو أساس الفلاح والنجاح، وكما أن هناك وسطية الإسلام في التشريع، ولا شك أن التشريع الإسلامي هو التشريع الوسط والأكمل بين الشرائع، ففي التشريع الإسلامي، موازنة دقيقة بين التكليف وبين الإستطاعة، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والمشقة تجلب التيسير، والضرورات تبيح المحظورات، وتشريع وسط في التحليل والتحريم بين اليهودية التي أسرفت في التحريم، وكثرت فيها المحرمات، مما حرمه إسرائيل على نفسه، ومما حرمه الله على اليهود، جزاء بغيهم وظلمهم.
كما قال الله تعالى " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل " وبين المسيحية التي أسرفت في الإباحة، حتى أحلت الأشياء المنصوص على تحريمها في التوراة، مع أن الإنجيل يعلن أن المسيح لم يجيء لينقض ناموس التوراة، بل ليكمله، فالإسلام قد أحل وحرّم، ولكنه لم يجعل التحليل ولا التحريم من حق بشر، بل من حق الله وحده، ولم يحرم إلا الخبيث الضار، كما لم يحل إلا الطيب النافع، ولهذا كان من أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم عند أهل الكتاب أنه " يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم " وأما عن التشريع وسط بين طرفين، وهو طرف كلف النفوس ما لا تطيق.
حتى جعلوا تعمد إضناء الجسد بالجوع والعطش عبادة، والمشي بدون نعل قربى، والمكوث تحت حرارة الشمس مجاهدة، والاستنكاف عن الطيبات تربية، وطرف أحلّ ما حرّم الله، وحكّم العقل القاصر في أحكام الشريعة الربانية، وحكم على بعضها بالتخلف عن معطيات العصر، وعجزها عن مسايرة الركب، وكما أن التشريع الإسلامي وسط في شؤون الأسرة، فلن تجد أعظم من الإسلام وسطية وإعتدالا، فللرجل حقوقه، وللمرأة حقوقها، وللزوج حقوقه، وللزوجة حقوقها، وللآباء حقوقهم، وللأبناء حقوقهم، وللإخوة حقوقهم، وللأقارب حقوقهم، وللجيران حقوقهم، كل ذلك في إطار من التوازن، يضمن تماسك المجتمع، ويحقق التكامل بين أفراده.
حيث قال تعالى " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " وأقرّ النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم قول سلمان لأبي الدرداء رضي الله عنهما " إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعطي كل ذي حق حقه "

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.