الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فضائل العشر الأوائل من شهر ذو الحجة، وأهم الأعمال التي يقوم بها العبد فيها ومنها الصلاة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلاة خير موضوع فمن إستطاع أن يستكثر فليستكثر " وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله " ما عمل ابن آدم شيئا أفضل من الصلاة وصلاح ذات البين وخلق حسن" ولا تنسي أخي الكريم بناء بيت في الجنة بصلاة اثنتي عشرة ركعة تطوع من غير الفريضة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
" من صلى لله اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة " رواه مسلم، وصلاة الضحى ركعتان أو أكثر، و قيام الليل ففي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم ذكر منهم الذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن يقوم من الليل فيقول الله يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد " رواه الطبراني، واعلموا أن المحافظة على النوافل سبب من أسباب محبة الله تعالي، ومن نال محبة الله عز وجل حفظه وأجاب دعاءه، وأعاذه ورفع مقامه، لأنها تكمل النقص وتجبر الكسر وتسد الخلل، فحافظ أخي على تكبيرة الإحرام والصف الأول فإن الله وملائكته يصلون على الصف الأول، واعلموا أن صلاة الفجر في الجماعة ستر لك من النار فعن أبي زهير عمارة بن رويبة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول .
" لن يلج النار أحد صلَّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" ويعني صلاة الفجر والعصر، رواه مسلم، ولما كانت صلاة الفجر بهذه المنزلة العظيمة، كان التفريط فيها جرما كبيرا وغفلة غير يسيرة، وقال ابن عمر رضي الله عنهما "كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن" وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الصبح فقال " أشاهد فلان؟" قالوا لا، قال "أشاهد فلان؟" قالوا لا، قال " إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموها ولو حبوا على الركب" رواه أحمد، ولقد تعلقت قلوب السلف رضي الله عنهم بهذه الصلاة لما علموا من جليل فضلها وسوء عاقبة التخلف عنها، فكانوا أحرص الناس عليها، حتى لقد قال عبدالله بن مسعود "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق،
ولقد كان الرجل يؤتى به يتهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف" وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي الأمة وهاديها يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر، يقول " الصلاة يا أهل البيت "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " رواه الترمذي، إنه حرص نبوي وتربية لإبنته على أن تحرص على صلاة الفجر في وقتها، وكان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يمر في الطريق مناديا "الصلاة، الصلاة" يوقظ الناس لصلاة الفجر، وكان يفعل ذلك كل يوم، وحين إشتكى الإمام سعيد بن المسيب عينه قالوا له لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة، لوجدت لذلك خفة يدعونه للتنزه في ضواحي المدينة حيث الخضرة والجو الطليق فقال لهم "فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح"؟ وتزوج الحارث بن حسان في ليلة من الليالي،
فحضر صلاة الفجر مع الجماعة، فقيل له أتخرج وإنما بنيت بأهلك الليلة؟ فقال والله إن امرأة تمنعني من صلاة الغداة في جمع لامرأة سوء، وقام عبدالرحمن بن مهدي ليلة حتى جهد، فلما طلع الفجر رمى بنفسه على الفراش، فنام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، فقال هذا مما جنى عليّ الفراش، فجعل على نفسه ألا يجعل بينه وبين الأرض شيئا شهرين، ومكث الإمام مدين بن أحمد الحميري دهرا إلى حين وفاته لا تفوته التكبيرة الأولى من صلاة الصبح، ويمكث في مصلاه وهو على طهارة إلى أن يركع الضحى وربما جلس بعد ذلك، وكانوا يرون فوت صلاة الفجر في الجماعة خطبا جللا يستحق العزاء، قال حاتم الأصم فاتتني صلاة الجماعة، فعزّاني أبو إسحاق البخاري وحده، ولو مات لي ولد لعزّاني أكثر من عشرة آلاف لأن مصيبة الدين أهون عند الناس من مصيبة الدنيا.
إضافة تعليق جديد