بقلم / محمـــد الدكـــروري
أحمده الحمد كله، وأشكره الشكر كله، اللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها ليوم العرض على الله، شهادة مبرأة من الشكوك والشرك، شهادة من أنار بالتوحيد قلبه، وأرضى بالشهادة ربه، وشرح بها لبه، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله وسلم على كاشف الغمة، وهادي الأمة، ما تألقت عين لنظر، وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف حمام على شجر، وعلى آله بدور الدجى، وليوث الردى، وغيوث الندى، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، إن الكبر من الصفات الممقوتة التي نهي عنها الشارع الحكيم.
والكبر هو إستعظام الإنسان نفسه، وإستحسان ما فيه من الفضائل، والإستهانة بالناس، وإستصغارهم، والترفع على من يجب التواضع له، والإستكبار يقال على وجهين، أحدهما هو أن يطلب الإنسان أن يصير كبيرا، وذلك متى يجب، وفي المكان الذي يجب، وفي الوقت الذي يجب، فمحمود، والثاني هو أن يتشبع فيظهر مِن نفسه ما ليس له، وهذا هو المذموم وعلى هذا ما ورد في القرآن، فالأول محمود كالتلميذ الصغير حينما تقول له ماذا تحب أن تكون ؟ فيقول طبيبا أو ضابطا أو مهندسا وهكذا، والثاني مذموم وهو الإستعلاء على الناس والتكبر عليهم وإزدراؤهم، وقد ذم الله تعالى الكبر والمتكبرين في مواضع عديدة من القرآن الكريم، والكبر والتكبر والكبرياء من صفات الله تعالى الذي إختص بها دون غيره.
لذلك كل من يحاول أن يحمل هذه الصفة يعذبه الله تعالى، وكثرت أقوال السلف في ذم الكبر والمتكبرين، فيقول الأحنف بن قيس عجبا لابن آدم يتكبر وقد خرج من مجرى البول مرتين، وقال محمد بن الحسين بن علي ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر قط، إلا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك أو كثر، وسئل سليمان عن السيئة التي لا تنفع معها حسنة فقال الكبر، وقال النعمان بن بشير على المنبر إن للشيطان مصالي وفخوخا، أي مصيدة وإن من مصالي الشيطان وفخوخه البطر بأنعم الله، والفخر بإعطاء الله، والكبر على عباد الله، وإتباع الهوى في غير ذات الله تعالي، وهكذا ذم الإسلام داء الكبر ونهى عنه كما جاء في القرآن والسنة وأقوال سلف الأمة، وإن للكبر آثار ذميمة وعواقب وخيمة في الدنيا والآخرة فالمتكبر دائما يمقته الناس ويبغضونه.
ولا يألفونه الكل يتأفف من رؤيته والجلوس معه، وروي عن أبي بكر الهذلي قال بينما نحن مع الحسن إذ مر علينا ابن الأهثم يريد المقصورة وعليه جباب خز، قد نضد بعضها فوق بعض على ساقه وإنفرج عنها قباؤه وهو يمشي يتبختر، إذ نظر إليه الحسن نظرة فقال أف أف، شامخ بأنفه ثاني عطفه مصعر خده ينظر في عطفيه، أي حميق أنت تنظر في عطفيك في نعم غير مشكورة ولا مذكورة غير المأخوذ بأمر الله فيها ولا المؤدي حتى الله منها، والله أن يمشي أحد طبيعته يتخلج تخلق المجنون في كل عضو من أعضائه لله نعمة، وللشيطان به لفتة، فسمع إبن الأهثم فرجع يعتذر إليه فقال لا تعتذر إلي وتب إلى ربك، أما سمعت قول الله تعالى "ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا".
إضافة تعليق جديد