بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وكفى والصلاة على النبي المصطفى، ومن بآثاره إقتفى، وبعهد الله وفى، وسلام على عباده الذين إصطفى، وبعد روي عن أبي أيوب الأنصارى رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر" رواه مسلم، ووجه ذلك أن الحسنة بعشر أمثالها، فيكون رمضان عن عشرة أشهر، والست من شوال عن شهرين، ويا من كان يسأل ربه كل يوم ويدعوه في القنوت وعند الإفطار، لا تحرم نفسك من الدعاء بقية العام، فإن الدعاء هو العبادة، كما قال الله سبحانه وتعالى " وقال ربكم ادعونى استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين" فعبر عن الدعاء بالعبادة، فقال "عن عبادتي" والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "الدعاء هو العبادة" رواه أبو داود والترمذي.
وذلك أن الدعاء يجتمع فيه أركان العبادة الثلاثة على أكمل وجه وأتمه من كمال الحب والتعظيم، وكمال الخوف، وكمال الرجاء، فإنك حين ترفع أكف الضراعة إلى ربك، وأنت تعلم يقينا أن الخير كله بيديه، وأن عنده خزائن السموات والأرض، وأنه الرحيم الكريم، ذو الفضل العظيم، يحب الملحين في الدعاء، ويغضب على عبده إن لم يسأله، فإنه يمتلئ قلبك بمحبته، والشعور بعظيم فضله ومنته، كما أنك تتذكر ذنوبك وتفريطك في جنب الله، فتخاف من غضبه عليك، وحرمانه إياك خير ما عنده بسوء ما عندك، وأن يرد دعائك بسبب ذنوبك، وهذا هو كمال الخوف، ثم تتذكر وأنت منكسر بين يديه، رافع أكف الضراعة إليه، أنه حيي كريم، تواب رحيم، واسع الفضل والمغفرة، عظيم المن والإحسان، مبتدئ بالنعم قبل إستحقاقها، متفضل على عباده قبل السؤال، فكيف به بعد السؤال؟
فيحملك ذلك على رجائه بصدق، والطمع بفضله ورحمته، وهذا هو كمال الرجاء، وكما أن الدعاء عبادة من أجل العبادات، فهو من أعظم أسباب جلب المحبوبات ودفع المكروهات، وهو سلاح المؤمن وعدته في الشدة والرخاء، ولذلك أمر الله تعالي عباده بسؤاله وحضهم عليه، وآجرهم على ذلك، بل قال النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم "من لم يسأل الله يغضب عليه" فالله تعالى يغضب على عبده إن لم يسأله، لكمال رحمته بعباده، وعلمه بشدة فقرهم وحاجتهم إليه، وكلما ألححت على الله عز وجل بالدعاء، كنت منه أقرب، وإليه أحب، بخلاف ابن آدم، الذى يضجره كثرة السؤال، ويمله الإلحاح في الطلب، وقد يوفق شخص بإنسان مشفق محب، فإذا سأله شيئا بذله له، ثم إذا سأله ثانية أجابه مع تلكؤ وتردد، ثم إذا سأله ثالثة أجابه مع تكره وتبرم، وقد يسأله في الرابعة فلا يجيبه.
أما الله تعالى فإنه يحب الملحين بالدعاء ولا يمل من كثرة العطاء، فإن شهر رمضان المبارك أيام مضت وصفحات طويت وحسنات قيدت، وصحائف رفعت، فما أشبه الليلة بالبارحة، فقد كنا في شوق للقائه نتحرى رؤية هلاله ونتلقى التهانى بمقدمه، وها نحن نغيش في شهر شوال، وهذه سنة الله تعالي في خلقه، أيام تنقضى وأعوام تنتهى، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، فمن المقبول منا في رمضان فنهنئه، ومن المحروم منا فنعزيه، فيا أيها المقبول هنيئا لك، ويا أيها المردود جبر الله مصيبتك، ولنعلم جميعا أن الأمر الأعظم الذى شرع من أجله الصيام هو التقوى، وإذا كنا خرجنا من الشهر المبارك فلنا أن نستدل على أنفسنا بقبول صيامنا، جعلنا الله أجمعين كذلك أو خسران جهد البدن والنفس دون تحصيل القبول وأعيذكم بالله ونفسى أن نكون كذلك.
إضافة تعليق جديد