إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد ينبغي علينا أيها المسلمون أن نحبب الإسلام إلى أطفالنا لأنهم لن يصبحوا مسلمين حقا إلا إذا أحبوا الإسلام وعاشوا به وله، ولأن الأبناء هم رعية إسترعاهم الله تعالي آباءهم ومربيهم وأسرهم، ومجتمعهم وهؤلاء جميعا، مسئولون عن هذه الرعية، ومحاسبون على التفريط فيها، كما أنهم مأجورون إن هم أحسنوا إليهم واتقو الله فيهم، ولأن مرحلة الطفولة هي مرحلة صفاء وخلو فكر.
فتوجيه الطفل للناحية الدينية يجد فراغا في قلبه ومكانا في فكره وقبولا من عقله، لأن مرحلة الطفولة مرحلة تتوقد فيها ملكات الحفظ والذكاء، ولعل ذلك بسبب قلة الهموم والأشغال التي تشغل القلب في المراحل الأخرى، فوجب إستغلال هذه الملكات وتوجيهها الوجهة الصحيحة، ولأن مرحلة الطفولة مرحلة طهر وبراءة، لم يتلبس الطفل فيها بأفكار هدامة ولم تلوث عقله الميول الفكرية الفاسدة التي تصده عن الإهتمام بالناحية الدينية، بخلاف لو بدأ التوجيه في مراحل متأخرة قليلا، حين تكون قد تشكلت لديه أفكار تحول دون تقبله لما تمليه الثقافة الدينية الإسلامية حيث يقول الشاعر وينفع الأدب الأحداث في صغر وليس ينفع عند الشيبة الأدب، وإن الغصون إذا قوّمتها إعتدلت، ولن تلين إذا قومتها الخشب، ولأن العالم أصبح في ظل العولمة الحديثة كالقرية الصغيرة.
والفرد المسلم تتناوشه الأفكار المتضادة والمختلفة من كل ناحية، والتي قد تصده عن دينية، أو تشوش عليه عقيدته، فوجب تسليح المسلمين بالثقافة الدينية، ليكونوا على بصيرة من أمرهم ويواجهوا هذه الأفكار بعقول واعية، لذا فإن غرس الثقافة الدينية في مرحلة الطفولة يؤثر تأثيرا بالغا في تقويم سلوك الطفل وحسن إستقامته في المستقبل، فينشأ نشأة سليمة، بارا بوالديه وعضوا فعالا في المجتمع، ولكن كيف نحبب الإسلام لأطفالنا ؟ وهو بأن نحب الإسلام نحن أولا لأن الطفل يرى بعيون والديه أو مربيه ثم نراعي ظروف الطفل ومشاعره وإحتياجاته وإمكاناته في كل مرحلة عمرية حتى يصبح بعون الله تعالي مسلما سويا نافعا لنفسه وأهله ومجتمعه ودينه ولنتذكر جيدا أن التربية النفسية للطفل تعتمد على أنه عندما يعيش في ظل النقد المستمر فإنه يتعلم أن يدين الآخرين.
وعندما يعيش في ظل الأمن فإنه يتعلم أن يجد الثقة في نفسه، وعندما يعيش في ظل العداوة فإنه يتعلم الهجوم، وعندما يعيش في ظل من يتقبلونه،فإنه يتعلم الحب، وعندما يعيش في ظل الخوف فإنه يتعلم ترقب الشر، وعندما يعيش في ظل الاعتراف به فإنه يتعلم أن يكون له هدف، وعندما يعيش في ظل الشفقة الزائدة عليه فإنه يتعلم أن يتحسر على نفسه، وعندما يعيش في ظل التأييد له فإنه يتعلم أن يحب نفسه، وعندما يعيش في ظل الغيرة الزائدة،فإنه يتعلم الشعور بالإثم، وعندما يعيش في ظل الصداقة فإنه يتعلم أن العالم مكان جميل، فاللهم اجعلنا جيرانا صالحين، وارزقنا جوار الصالحين في الدنيا، وفي الآخرة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
إضافة تعليق جديد