بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، إن الإدارة فن لا يجيده كثيرا من الناس، واعلموا أن القائد المتخصص قد يكون أقل فعالية من القائد غير المتخصص لسببين رئيسيين، فالأول ينبع من غريزة بشرية متأصلة الناس أعداء ما جهلوا وأصدقاء ما عرفوا، والسبب الثاني ينبع من حقيقة معروفة حيث يشكل أعضاء كل مهنة نقابة فعلية أو معنوية يلتزم أعضاؤها بالولاء المتبادل، وعليكم أن تهتموا بالضعفاء، أما الأقوياء فهم قادرون على الاهتمام بأنفسهم، وإن لقاءا شخصيا واحدا قد يحقق ما لا تستطيع عشرات المراسلات الرسمية تحقيقه.
ولكي تخطط لعمل جهاز ما، يجب أن تكون الصورة الإدارية للجهاز متضحة في أذهان المخططين، والإنسان الذي يعرف نقاط ضعفه يملك فرصة حقيقية في تحويلها إلى نقاط قوة، وعلى الذين لا يعرفون، أن يستعينوا، بلا تردد، بمن يعرفون، ولا تستحي أبدا أن تعترف بجهلك وأن تعالجه بخبرة الخبراء، ولا يمكن أن يكون القائد الإداري فعالا إذا ظلت منجزاته طي الكتمان، وأن جزء أساسي من فعالية القائد الإداري أن يبدو فعالا أمام رؤسائه وأمام مرءوسيه وأمام المواطنين، وأن الإعلام بدون إنجاز حقيقي، جعجعة لا تلبث أن تهدأ دون أن تترك خلفها طحنا، وكنت ولا أزال، أؤمن بسياسة الباب المفتوح ولكني لم أؤمن، قط، ولا أؤمن الآن، بسياسة الباب المخلوع، وإن لقاء المسؤول بالمواطنين، يقدم له خدمة إدارية لا تقدر بثمن، وعلى الإداري أن يفصل بقدر الإمكان.
بين حياته العامة وحياته الخاصة، وكما أن إختيار المساعدين الأكفاء نصف المشكلة، والنصف الآخر هو القدرة على التعامل معهم، والرئيس الذي يريد مساعدا قوي الشخصية عليه أن يتحمل متاعب العمل مع هذه الشخصية القوية، وأنه لا شيء يتعب أكثر من التعامل الشخصي مع الأبطال، وإذا كنت لا تريد أن تسمع سوى كلمة نعم نعم نعم، فمن الأسهل والأرخص أن تشتري جهاز تسجيل، أما إذا كنت تريد بالفعل، مشاركة الرجال عقولها فعليك أن تتذرع بصبر لا حدود له، واعلم أنه لا يستطيع أي رئيس أن يمارس إشرافا فعالا على مرؤوسين يزيد عددهم عن ستة أو سبعة، وعندما يتلقى الموظف تعليماته من مرجعين، أحدهما أعلى من الآخر، فإنه سوف ينزع إلى تجاهل التعليمات الصادرة من المرجع الأدنى، ونصيحة لصناع القرار السياسي إذا كنتم تؤمنون بكفاءة مسؤول ما.
فلا تفرضوه على وزير ما، ولكن عينوه وزيرا، وأنه لا يمكن الإخلال بمبدأ وحدة القيادة دون الإخلال بمستوى الأداء، إخلالا خطيرا، وربما قاتلا، وإذا كنت لا تستطيع أن تتحمل مسؤولية الخطأ الذي يرتكبه أحد العاملين معك فمن الأفضل أن تبقى في دارك، وأنه لا شيء يقتل الإبداع عند أي مسؤول مثل شعوره أنه تحت التجربة، أو أنه يتولى العمل بصورة مؤقتة، وأن تغيير وكيل أصيل، أفضل إداريا، بكثير، من إبقاء وكيل بالنيابة سنة بعد سنة في محاولة لإختباره أو لتدريبه، والحلول العاجلة هي أقصر الطرق إلى الفشل، والنجاح لا يمكن أن يتحقق إلا بالعمل الدائب المبني على تخطيط علمي، ولا يجوز لإنسان أن يدعي العفة، ما لم يتعرض للفتنة، وإذا كنت تريد النجاح فثمنه الوحيد سنوات طويلة من الفكر والعرق والدموع.
واعلموا أن القرار الصحيح ليس بالضرورة، قرارا بالمضي في تنفيذ شيء ما، فقد يكون القرار الصحيح قتل شيء ما في المهد، وأن فلسفة التوظيف في الشركات اليابانية هو "لن نغريك بالدخول، ولكن إذا دخلت، فسوف نغريك بالبقاء" وأن سر النجاح في قيادة المجالس أمران سهلان، وصعبان وهما التحضير الكامل، وإحترام مشاعر الأعضاء الآخرين ورغباتهم، ولا يمكن لأي حوار أن يتم في وجود التشنج، أزل التشنج ثم ابدأ الحوار، وإن الذي لا يخطئ، هو الذي لا يعمل، والإداري الناجح هو الذي يستطيع تنظيم الأمور على نحو لا تعود معه للعمل حاجة إلى وجوده، ومحاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكارا قديمة هي مضيعة للجهد والوقت، وأن المال عنصر أساسي في الإدارة ولكنه ليس العنصر الأوحد، وقد لا يكون العنصر الأهم، وأن الإعلام سلاح فعال ولكنه، ككل الأسلحة، سلاح ذو حدين، وأن الإنسان السعيد هو الذي يستطيع أن يحول كل موسم من مواسم الحياة، فرصة لنمو طاقات جديدة، أو متجددة في أعماقه.
إضافة تعليق جديد