رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 16 أبريل 2025 2:20 ص توقيت القاهرة

الإبتلاء ميدان تظهر فيه مكنونات النفوس

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، وكفى وسمع الله لمن دعا، وبعد، فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن في الدين عصمة أمركم، وحسن عاقبتكم ولقد بين النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فى سنته النبويه الشريفه أنواع الجهاد بمفهومه الشامل فقال " ما من نبي بعثه الله تعالى في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " والمراد بجهاد القلب هنا هو بغضهم وبغض حالهم التي هي عقيدة الولاء والبراء، وبدونها لا يصير الإنسان مؤمنا، وقد سمى النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فعل القلب هذا جهادا.
كما سمى فعل اللسان جهادا، ومن باب أولى أن يسمى فعل اليد جهادا، فعن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال " جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال أجاهد؟ قال " ألك أبوان " قال نعم، قال " ففيهما فجاهد" وأمثلة هذا من السنة النبويه كثيرة، ويسمى فيها بعض الأعمال الصالحة أو يجعلها بمنزلة الجهاد، كقوله صلى الله عليه وسلم " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله" وهكذا يتضح لنا مدى إتساع دائرة الجهاد مرتبطة بمجالات الحياة كلها، وهكذا حتى عندما يكون هناك قتال صحيح مع العدو، فإن جهاد كل واحد بحسبه، فالطبيب بخبرته الطبية، وأهل الإغاثة بإغاثتهم، وأهل الإعلام بإعلامهم، وأهل الأموال بأموالهم، ويبقى بقية في البلد يقومون بشؤونها ويخلفون المجاهدين في أهليهم بالخير والرعاية والحراسة، لتستمر عجلة الحياة في الدوران.
وكما ينبغي للمؤمن أن يحدث نفسه بالجهاد، وشرف نصرة الدين، وإذا صدق في سؤال الله تعالي الشهادة، بلغه الله عز وجل منازل الشهداء، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث سهل بن حنيف عن أبيه عن جده عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال " من سأل الله الشهاده بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه " ويجب علينا أن نعلم أن الإبتلاء هو سنة من سنن الله تعالى في هذه الحياة، فدار الدنيا دار بلاء، فقد قال الله عز وجل موضحا فى كتابه الكريم فى سورة البقره " ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال، والأنفس والثمرات وبشر الصابرين" وهذا الإبتلاء ميدان تظهر فيه مكنونات النفوس ومخفيات الصدور، كما قال الله تعالى فى سورة الأنفال " ليميز الله الخبيث من الطيب " وكما قال سبحانه وتعالى أيضا فى سورة آل عمران " وليعلم الذين نافقوا"
والمؤمن الصادق شاكر في السراء، وثابت في الضراء، وفي حكمة الإبتلاء تستيقظ النفوس وترقي القلوب وتصدق المحاسبة، وفي ساعات الإبتلاء يتجلى الثبات في الشديد من اللحظات، وسط صرخات اليائسين وتبرم الشاكين وقلق الشاكين، وإن الإستقامة على الحق، وملازمة العمل الصالح، من أعظم أسباب الثبات في الأزمات والملمات ولا تطمئن إلى ثبات من الكسالى والقاعدين إذا أطلت الفتن برأسها، وادلهمت الخطوب بويلاتها، ومن هنا يقول الحق سبحانه وتعالى فى سورة إبراهيم "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخره ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء" وإن العالم اليوم يخوض قضية أقضت فيه المضاجع، وأثارت عنده المكنون، وولدت لديه إفرازات، إنها قضية الإرهاب والإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.